البطاقة الذكيــة

بعد عودته من رحلة علمية طويلة حصل خلالها على الدكتوراه في التحكّم بالطاقة الكهربائية، عُيّن في منطقة نائية بوصفه مهندساً مراقباً للطاقة التي تعمل يدويّاً. لكنّه، بالرغم من انصياعه لأوامر رؤسائه الأميّين - الكترونياً -، مايزال متمسّكاً بحماسه الشديد لإدخال تطوير جذري في أصول التحكّم بالطاقة. وفي غمرة حديثه الشائق أبدى اندهاشاً لأننا مانزال نعتمد تأشيرة موظَّفي الكهرباء الذين يأخذون أرقام العدادات إلى قسم الجباية، علماً بأن البطاقة الذكيّة أصبحت معتمدة حتى في القاهرة وماليزيا والأردن، فضلاً عن انتشارها في أوروبا. والبطاقة الذكية تتيح المجال لتوفير الكهرباء فضلاً عن أنها توفّر الموظفين، وتغني أصحاب المباني القديمة عن جعل جدران منازلهم ألواحاً توضّح تأشيرة العداد حين يكونون مسافرين، نظراً إلى أن الساعات القديمة تقبع داخل البيوت.
ولم يكتفِ الدكتور المهندس بذلك بل راح يشرح الطرائق الممكنة لاستخدام البطاقة الذكية في استخدام المياه.
والبطاقة الذكية تتيح للمرء التحكّم باستهلاكه حيث يشتري سلفاً كمية مناسبة له من الماء والكهرباء ويغذّي بها عدّاده الذي ينذره بعد فترة من الاستهلاك بأنه اقترب من تجاوز الحد في الاستهلاك ويتوجّب عليه التقنين أو شراء كمّية إضافية من الكهرباء أو الماء.
ومما يجدر ذكره أن البطاقة الذكية تقنية اختيارية لمن يريد. وبوصفنا جماعة نسينا ماالذي تعنيه حرية الاختيار، يحلو لنا - ونحن نستشرف ظلال الحرية - أن نُغرق في الخيال فنصنع بطاقات ذكية لكل شأن.
فإذا كنتم من الذين لايكتفون بقراءة العناوين، تصوّروا معي لو كان الموظفون يعملون وفق البطاقة الذكية فيعملون على قدّ الراتب المخزون في البطاقة. لاشك أن بعض القطاعات ستكتفي بعمل الأسبوع الأول من الشهر وتنتظر حتى يملأ أجر الشهر التالي البطاقة مرة أخرى. وقد لاتكفي البطاقة المعلمين أكثر من ثلاثة أيام، أما بعض الوظائف الأخرى التي لاتتطلب دواماً، أو التي يكتفي موظفوها بالتواقيع على دفاتر الدوام فقد يحتاجون إلى إنفاق ثلاثة أشهر قبل أن يستطيعوا الاستجابة إلى متطلّبات عدادات البطاقة الذكية.
ولأن البطاقة الذكية اختيارية، لذلك سيسارع هؤلاء إلى رفضها رفضاً قاطعاً باعتبارها ترفاً ينبغي أن تحاربه الدول المتخلفة التي لم تستطع إلى الآن القضاء على مشكلة الرغيف وسوء تصنيعه، ولم تستطع جعله يخلو من شوائب مقزّزة تجعل تناوله كالسير على حافة خطرة تتطلب الحذر الشديد. ولكن مالنا ومشكلة الخبز التي تسوّغ سوءها كل جهة، وترمي بأثقالها على الآخرين، فنضيع بين مورّد المواد الأوليّة والخبّاز، ونبقى في طابور طويل كل يوم من أجل الحصول على هذا الشيء الذي يسمّى رغيفاً.
لنعد الآن إلى مسألة العدادات التي لابد أن يرفضها كل التجار الذين يعملون على الهاتف ويعقدون عشرات الصفقات وهم يزدردون القهوة ويلوكون الكلام على مجتمع متخلّف وهم يستثنون أنفسهم منه، ويحق لهم ذلك فهم أصحاب أموال ولا يليق بهم تركيب عدادات تحاسبهم على عائدات أعمالهم. كما لابد أن يجنّد النصّابون كل طاقاتهم من أجل محاربة هذه البطاقة الذكية التي تكشف المستور. ولكنني أؤكّد لكم، رغم محاولات المفسدين، سينتشر استخدام البطاقات الذكية، وسيتم تركيب عدادات لكل عمل وشأن، شاء من شاء وأبى من أبى.
وأتمنّى على الحكومة أن تعجّل بهذه المسألة وأن تفي بوعودها فتتيح المجال لكل العاطلين عن العمل كي يحصلوا على بطاقات يقيسون بها أعمالهم، وأن تزيد الأجور بما يتناسب والجهود التي يقدّمها كل فرد من خلال محاسبته على الإنجاز وليس على أساس رواتب موحّدة يتقاضاها الذين يعملون والذين لايعملون. عسى أن يوفّر ذلك للعامل النشيط أجراً يكفيه ذلّ السؤال ومحنة القيام بأكثر من عمل، وليكن أجراً يعادل نصف الجهد الذي يبذله على أقلّ تقدير.
وهنا يحلو لي أن أؤكد على استمرار الشرفاء بالعمل حتى آخر الشهر، رغم أن بطاقاتهم - بعد الزيادة - قد تنذر بانتهاء أجورهم في منتصف الشهر، ولكنهم يستمرون بالعمل ليس بسبب كفاية العائدات، ولكن لسبب آخر أبيّنه لكم في لقاء آخر مع إشراقات سيف الدولة.
وإلى ذلك الحين أهمس في آذان المتسلّقين : حذار أيّها الفهلويون.. ستكون عدّادات عائدات العمل بانتظاركم عمّا قريب، ولا يفلح إلاّ العاملون.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا على المشاركة الجميلة والمفيده
نرجو تزويدنا بابداعك
مع تحيــــــــــــــــــات
ابو حسين

الاخت شهد
اشكرك الموضوع
رائع جدا
تحياتي محمود

يسلموو شهد

على الموضوع الحلوو

تقبلي مروري