هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالقرآن الكريم البوابةأحدث الصورالتسجيلالتحميل شات ثقافة دخول

 

 المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
khaled1212
عضو ماسي
عضو ماسي
khaled1212


ذكر
عدد الرسائل : 2380
السٌّمعَة : 1
نقاط : 60
تاريخ التسجيل : 05/10/2007

المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Empty
مُساهمةموضوع: المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية   المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية I_icon_minitimeالأربعاء يناير 16, 2008 4:41 pm

المقامة الرّمليّة
حكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: كنتُ أخذْتُ عنْ أولي التّجارِيبِ. أنّ السّفَرَ مِرآةُ الأعاجيبِ. فلمْ أزَلْ أجوبُ كلّ تَنوفَةٍ. وأقتَحِمُ كُلّ مَخوفَةٍ. حتى اجتَلَبْتُ كلّ أُطروفَةٍ. فمِنْ أحسَنِ ما لمحْتُهُ. وأغْرَبِ ما استَمْلَحْتُهُ. أنْ حضَرْتُ قاضيَ الرّملَةِ. وكانَ منْ أربابِ الدّولَةِ والصّولَةِ. وقد تَرافَعَ إليْهِ بالٍ في بالٍ. وذاتُ جَمالٍ في أسْمالٍ. فهمّ الشيخُ بالكلامِ. وتِبْيانِ المَرامِ. فمنعَتْهُ الفَتاةُ منَ الإفْصاحِ. وخسأتْهُ عنِ النُباحِ. ثمّ نضَتْ عنها فَضْلَةَ الوِشاحِ. وأنشدَتْ بلِسانِ السّليطَةِ الوَقاحِ:
يا قاضيَ الرّملَةِ يا ذا الـذي *** في يدِهِ التّمرَةُ والـجَـمْـرَهْ
إليْكَ أشْكو جوْرَ بعْلي الـذي *** لمْ يحجُجِ البيتَ سوى مـرّهْ
ولَيْتَهُ لمّا قضـى نُـسـكَـهُ *** وخفّ ظَهراً إذْ رمى الجَمرَهْ
كانَ على رأيِ أبـي يوسُـفٍ *** في صِلَةِ الحِجّةِ بالعُـمْـرَهْ
هذا على أنّيَ مُذْ ضـمّـنـي *** إليْهِ لمْ أعْـصِ لـهُ أمْـرَهْ
فمُـرْهُ إمّـا أُلـفَةً حُـلـوَةً *** تُرْضي وإمّـا فُـرقَةً مُـرّهْ
منْ قبلِ أنْ أخلَعَ ثوْبَ الحَـيا *** في طاعَةِ الشيخِ أبي مـرّهْ
فقال لهُ القاضي: قد سمِعتَ بما عزَتْكَ إليْهِ. وتوعّدَتْكَ عليْهِ. فجانِبْ ما عرّكَ. وحاذِرْ أنْ تُفرَكَ. وتُعْرَكَ. فجَثا الشيخُ على ثفِناتِهِ. وفجَرَ ينْبوعَ نفثَاتِهِ. وقال:
إسمَعْ عداكَ الذّمُّ قولَ امرئٍ *** يوضِحُ في ما رابَها عُذرَهْ
واللهِ ما أعْرَضْتُ عنها قِلًى *** ولا هَوَى قلبي قضى نذرَهْ
وإنّما الدهْرُ عَـدا صـرْفُـهُ *** فابْـتَـزّنـا الـدُّرّةَ والـذّرّهْ
فمنزِلي قفرٌ كمـا جِـيدُهـا *** عُطْلٌ منَ الجَزْعَةِ والشّـذْرَهْ
وكنتُ منْ قبْلُ أرى في الهَوى *** ودينِـهِ رأيَ بـنـي عُـذرَهْ
فمُذْ نَبا الدهرُ هجَرْتُ الدُّمـى *** هِجرانَ عـفٍّ آخِـذٍ حِـذْرَهْ
ومِلتُ عنْ حَرْثـيَ لا رغـبَةً *** عنهُ ولكِـنْ أتّـقـي بَـذْرَهْ
فلا تلُـمْ مَـنْ هـذِهِ حـالُـهُ *** واعطِفْ عليْهِ واحتَمِلْ هَذرَهْ
قال: فالتَظَتِ المرأةُ منْ مَقالِهِ. وانتضَتِ الحُجَجَ لجِدالِهِ. وقالتْ لهُ: ويلَكَ يا مَرْقَعانُ. يا مَنْ هُو لا طَعامٌ ولا طِعانٌ! أتَضيقُ بالولَدِ ذرْعاً. ولكُلّ أكولَةٍ مرْعًى? لقدْ ضلّ فهْمُكَ. وأخطأ سهمُكَ. وسفِهَتْ نفسُكَ. وشقِيَتْ بِكِ عِرسُكَ. فقال لها القاضي: أمّا أنتِ فلوْ جادَلتِ الخنْساء. لانثَنَتْ عنكِ خرْساء. وأما هوَ فإنْ كانَ صدَقَ في زعمِهِ. ودعْوى عُدْمِهِ. فلهُ في همّ قَبْقَبِهِ. ما يشغلُهُ عنْ ذبْذَبِهِ. فأطرَقَتْ تنظُرُ ازوِراراً. ولا تُرجِعُ حِواراً. حتى قُلْنا: قد راجعَها الخفَرُ. أو حاقَ بها الظّفَرُ. فقالَ لها الشيخُ: تعْساً لكِ إنْ زخْرفْتِ. أو كتَمْتِ ما عرَفْتِ! فقالت: ويْحَكَ وهلْ بعْدَ المُنافَرَةِ كتْمٌ. أو بقيَ لنا على سِرٍّ ختْمٌ? وما فينا إلا مَنْ صدَقَ. وهتَكَ صوْنَهُ إذ نطَقَ. فلَيتَنا لاقَيْنا البَكَمَ. ولمْ نلْقَ الحكَمَ. ثمّ التفَعَتْ بوِشاحِها. وتباكَتْ لافْتِضاحِها. وجعلَ القاضي يَعجَبُ منْ خطبِهِما ويُعجِّبُ. ويلومُ لهُما الدّهْرَ ويؤنِّبُ. ثمّ أحْضَرَ من الورِقِ ألْفَينِ. وقال: أرْضِيا بهِما الأجْوَفَينِ. وعاصِيا النّازغَ بينَ الإلْفينِ. فشَكَراهُ على حُسنِ السَّراحِ. وانطَلَقا وهُما كالماء والرّاحِ. وطفِقَ القاضي بعْدَ مسرَحِهِما. وتَنائي شبَحِهِما. يُثْني على أدَبِهِما. ويقول: هل منْ عارِفٍ بهِما? فقال لهُ عينُ أعْوانِهِ. وخالِصَةُ خُلْصانِهِ: أما الشيخُ فالسّروجيّ المشهودُ بفضلِهِ. وأما المرأةُ فقَعيدَةُ رحْلِه. وأمّا تحكُمُهما فمَكيدةٌ من فِعلِهِ. وأُحبولَةٌ من حبائِلِ ختْلِه! فأحْفَظَ القاضيَ ما سمِعَ. وتلهّبَ كيفَ خُدِعَ. ثمّ قال للواشي بهِما: قُمْ فرُدْهُما. ثم اقصِدْهُما وصِدْهُما. فنهضَ ينفُضُ مِذروَيْهِ. ثمّ عادَ يضرِبُ أصْدَرَيْهِ! فقال لهُ القاضي: أظهِرْنا على ما نبَثْتَ. ولا تُخْفِ عنّا ما استَخْبَثْتَ. فقال: ما زِلْتُ أستَقْري الطُّرُقَ. وأستَفتِحُ الغُلُقَ. الى أن أدرَكْتُهُما مُصْحِرَينِ. وقد زمّا مطيَّ البيْنِ. فرغّبتُهُما في العَلَلِ. وكفَلْتُ لهُما بنَيلِ الأمَلِ. فأُشْرِبَ قلبُ الشّيخِ أن ييْأسَ. وقال: الفِرارُ بقُرابٍ أكيَسُ! وقالتْ هيَ: بلِ العوْدُ أحمَدُ. والفَروقَةُ يَكْمَدُ. فلمّا تبيّن الشيخُ سفَهَ رائِها. وغَرَرَ اجتِرائِها. أمسكَ ذَلاذِلَها. ثمّ أنشأ يقول لها:
دونَكَ نُصْحي فاقتَفي سُبْلَـهْ *** واغني عنِ التّفصيلِ بالجُملَهْ
طيري متى نقّرْتِ عن نخلَةٍ *** وطلّقِـيهـا بـتّةً بـتْـلَـهْ
وحاذِري العوْدَ إليْهـا ولـوْ *** سبّلَها ناطورُهـا الأبْـلَـهْ
فخيرُ ما للّـصّ أنْ لا يُرى *** ببُقْعةٍ فيها لـهُ عَـمْـلَـهْ
ثمّ قال لي: لقدْ عُنّيتَ. في ما وُلّيتَ. فارجِعْ منْ حيثُ جِئْتَ. وقلْ لمُرسِلِكَ إن شِئْتَ:
رُوَيدَكَ لا تُعقِبْ جَـمـيلَـكَ بـالأذى *** فتُضْحي وشملُ المال والحمد مُنصَدعْ
ولا تتغـضّـبْ مـنْ تـزَيُّدِ سـائِلٍ *** فما هوَ في صوْغِ اللّسانِ بمُبـتـدِعْ
وإنْ تكُ قد ساءتـكَ مـنـي خَـديعَةٌ *** فقبلكَ شيخُ الأشعـرِيّينَ قـد خُـدِعْ

فقالَ لهُ القاضي: قاتَلَهُ اللهُ فما أحسَنَ شُجونَهُ. وأملَحَ فنونَهُ! ثمّ إنّهُ أصْحَبَ رائِدَهُ بفرْدَينِ. وصُرّةً منَ العينِ. وقالَ لهُ: سِرْ سَيرَ منْ لا يرَى الالتِفاتَ. الى أن تَرى الشيْخَ والفَتاةَ. فبُلّ يدَيْهِما بهَذا الحِباء. وبيّن لهُما انخِداعي للأدَباء. قال الرّاوي: فلمْ أرَ في الاغتِرابِ. كهَذا العُجابِ. ولا سمِعْتُ بمِثلِه ممّنْ جالَ وجابَ.


عدل سابقا من قبل في الأربعاء يناير 16, 2008 5:00 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
khaled1212
عضو ماسي
عضو ماسي
khaled1212


ذكر
عدد الرسائل : 2380
السٌّمعَة : 1
نقاط : 60
تاريخ التسجيل : 05/10/2007

المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية   المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية I_icon_minitimeالأربعاء يناير 16, 2008 4:44 pm

المقامة الحلبيّة

روى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: نزعَ بي الى حلَبَ. شوْقٌ غلَبَ. وطلَبٌ يا لهُ من طلَبٍ! وكنتُ يومَئِذٍ خَفيفَ الحاذِ. حَثيثَ النّفاذِ. فأخذْتُ أُهبَةَ السيرِ. وخفَفْتُ نحوَها خُفوفَ الطّيرِ. ولمْ أزَلْ مُذْ حلَلْتُ رُبوعَها. وارْتبَعْتُ ربيعَها. أُفاني الأيّامَ. في ما يَشْفي الغَرامَ. ويُرْوي الأُوامَ. الى أنْ أقْصرَ القلْبُ عنْ وَلوعِهِ. واسْتَطارَ غُرابُ البينِ بعْدَ وقوعِهِ. فأغْراني البالُ الخِلْوُ. والمرَحُ الحُلوُ. بأنْ أقصِدَ حِمْصَ. لأصْطافَ ببُقعَتِها. وأسبُرَ رَقاعَةَ أهلِ رُقعتِها. أفْرَعْتُ إليْها إسْراعَ النّجْمِ. إذا انْقَضّ للرّجْمِ. فحينَ خيّمتُ برُسومِها. ووجَدْتُ رَوْحَ نَسيمِها. لمحَ طَرْفي شيْخاً قد أقبلَ هَريرُهُ. وأدبَرَ غَريرُهُ. وعندَهُ عشَرَةُ صِبْيانٍ. صِنْوانٌ وغيرُ صِنْوانٍ. فطاوَعْتُ في قصْدِهِ الحِرصَ. لأخبُرَ بهِ أُدَباءَ حِمصَ. فبَشّ بي حينَ وافَيتُهُ. وحيّا بأحسَنَ ممّا حيّيتُهُ. فجلسْتُ إليْهِ لأبلوَ جنى نُطقِهِ. وأكْتَنِهَ كُنْهَ حُمقِهِ. فما لبِثَ أنْ أشارَ بعُصَيّتِهِ. الى كُبْرِ أُصَيْبِيَتِهِ. وقال لهُ: أنشِدِ الأبياتَ العَواطِلَ. واحْذَرْ أن تُماطِلَ. فجَثا جِثوَةَ ليْثٍ. وأنشدَ منْ غيرِ ريْثٍ:
أعْدِدْ لحُسّادِكَ حـدّ الـسّـلاحْ *** وأوْرِدْ وِرْدَ الـسّـمـــاحْ
وصارِمِ اللّهْوَ ووصْلَ المَـهـا *** وأعمِلِ الكومَ وسُمرَ الرّمـاحْ
واسْعَ لإدْراكِ محَـلٍّ سَـمـا *** عِمـادُهُ لا لادّراعِ الـمِـراحْ
واللهِ ما السّؤدُدُ حسْوُ الـطِّـلا *** ولا مَرادُ الحَمـدِ رُودٌ رَداحْ
واهاً لـحُـرٍّ واسِـعٍ صـدرُهُ *** وهمُّهُ ما سَرّ أهْلَ الصّـلاحْ
مورِدُهُ حُـلـوٌ لـسـؤّالِــهِ *** ومالُهُ ما سـألـوهُ مُـطـاحْ
ما أسـمَـعَ الآمِــلَ رَدّاً ولا *** ماطَلَهُ والمطْلُ لؤمٌ صُـراحْ
ولا أطاعَ اللّهْـوَ لـمّـا دَعـا *** ولا كَسا راحاً لهُ كـأسَ راحْ
سوّدَهُ إصْـلاحُـهُ ســـرَّهُ *** ورَدْعُهُ أهْواءهُ والطِّـمـاحْ
وحصّلَ المدْحَ لـهُ عـلـمُـهُ *** ما مُهِرَ العورُ مُهورَ الصِّحاحْ
فقال لهُ: أحسَنتَ يا بُدَيرُ. يا رأسَ الدّيرِ! ثمّ قالَ لتِلوِهِ. المُشتَبِهِ بصِنْوِهِ: ادنُ يا نُوَيرَةُ. يا قمَرَ الدُوَيرَةِ! فدَنا ولمْ يتَباطا. حتى حلّ منهُ مقْعَدَ المُعاطى. فقال لهُ: اجْلُ الأبْياتَ العَرائِسَ. وإنْ لمْ يكُنّ نَفائِسَ. فبَرى القلَم وقَطّ. ثمّ احْتَجَرَ اللّوْحَ وخطّ:
فتَنَتْني فجنّنَتْنـي تـجَـنّـي *** بتَجنٍّ يفْتَنّ غِبَّ تـجَـنّـي
شغَفَتني بجَفنِ ظَبْيٍ غَضيضٍ *** غنِجٍ يقْتَضي تغَيُّضَ جَفْنـي
غَشيَتْني بزِينتَينِ فـشـفّـتْ *** ني بزِيٍّ يشِفّ بينَ تثَـنّـي
فتظَنّيتُ تجْتَبيني فتـجْـزي *** ني بنَفْثٍ يشْفي فخُيّبَ ظنّي
ثبّتَتْ فيّ غِشّ جيْبٍ بتَـزْيي *** نِ خَبيثٍ يبْغي تشَفّيَ ضِغْن
فنَزَتْ في تجنّي فـثـنَـتْ *** ني بنَشيجٍ يُشْجي بفَنٍّ ففَـنّ
فلمّا نظرَ الشيخُ الى ما حبّرَهُ. وتصفّحَ ما زبَرَهُ. قال له: بورِكَ فيكَ منْ طَلاً. كما بورِكَ في لا ولا. ثمّ هتَفَ: اقْرُبْ. يا قُطْرُبُ. فاقْتَرَبَ منهُ فتًى يحْكي نجْمَ دُجْيةٍ. أو تِمْثالَ دُميةٍ. فقال لهُ: ارْقُمِ الأبْياتَ الأخْيافَ. وتجنّبِ الخِلافَ. فأخذَ القلَمَ ورقَمَ:
إسْمَحْ فبَثُّ السّماحِ زَينٌ *** ولا تُخِبْ آمِلاً تضَيّفْ
ولا تُـجِـزْ رَدَّ ذي سـؤالٍ *** فنّنَ أم في السّوالِ خفَّـفْ
ولا تظُنّ الدّهورَ تُـبـقـي *** مالَ ضَنينٍ ولوْ تقَـشّـفْ
واحلُمْ فجفنُ الكرامِ يُغضي *** وصَدرُهمْ في العَطاء نفنَفْ
ولا تخُـنْ عـهْـدَ ذي وِدادٍ *** ثبْتٍ ولا تبْغِ مـا تـزيَّفْ
فقال له: لا شَلّتْ يَداكَ. ولا كلّتْ مُداكَ. ثمّ نادى: يا عشَمْشَمُ. يا عِطْرَ منْشَمَ! فلبّاهُ غُلامٌ كدُرّةِ غوّاصٍ. أو جُؤذُرِ قنّاصٍ. فقالَ لهُ: اكتُبِ الأبياتَ المَتائِيمَ. ولا تكُنْ منَ المَشائيمِ. فتناولَ القلَمَ المثقّفَ. وكتبَ ولمْ يتوقّفْ:
زُيّنـتْ زينَـبٌ بـقَـدٍّ يقُـدُّ *** وتَـلاهُ ويْلاهُ نـهْـدٌ يهُـدُّ
جُندُها جيدُها وظَرفٌ وطَرْفٌ *** ناعِسٌ تاعِسٌ بـحـدٍّ يَحُـدُّ
قدرُها قدْ زَها وتاهَتْ وباهَتْ *** واعْتَدَتْ واغتَدَتْ بخَدٍّ يخُـدّ
فارَقَتْني فأرّقَتْني وشـطّـتْ *** وسطَتْ ثمّ نـمّ وجْـدٌ وجَـدّ
فدَنَتْ فدّيَتْ وحنّـتْ وحـيّتْ *** مُغضَباً مُـغـضِـياً يوَدّ يُوَدّ
فطفِقَ الشيخُ يتأمّلُ ما سطَرَهُ. ويقلّبُ فيهِ نظرَهُ. فلمّا استحسَنَ خطَّهُ. واستَصَحّ ضبْطَهُ. قال لهُ: لا شَلّ عشرُكَ. ولا استُخبِثَ نشْرُكَ. ثمّ أهابَ بفتًى فتّان. يسفِرُ عنْ أزهارِ بُستانٍ. فقالَ لهُ: أنشِدِ البَيتينِ المُطرَفَينِ. المُشتَبِهَيِ الطّرفَينِ. اللذَينِ أسْكَتا كلّ نافِثٍ. وأمِنا أنْ يعَزَّزا بثالِثٍ. فقالَ له: اسمَعْ لا وُقِرَ سمْعُكَ. ولا هُزِمَ جمعُكَ. وأنشدَ منْ غيرِ تلبّثٍ. ولا تريّثٍ:
سِمْ سِمَةً تـحْـسُـنُ آثـارُهـا *** واشكُرْ لمنْ أعطى ولوْ سِمسِمَهْ
والمكْرُ مهْما استطَعْتَ لا تأتِـهِ *** لتَقْتَني السّؤدَدَ والمَـكـرُمَـهْ
فقال لهُ: أجدْتَ يا زُغْلولُ. يا أبا الغُلولِ. ثمّ نادَى: أوضِح يا ياسينُ. ما يُشكِلُ من ذَواتِ السّينِ. فنهضَ ولمْ يتأنّ. وأنشدَ بصوْتٍ أغنّ:
نِقْسُ الدّواةِ ورُسغُ الكفّ مُـثـبَـتةٌ *** سيناهُما إنْ هُما خُطّـا وإنْ دُرِسـا
وهكذا السّينُ في قسْـبٍ وبـاسِـقَةٍ *** والسفحِ والبخس واقسِرْ واقتبس قبَسا
وفي تقسّسْتُ باللّيلِ الـكـلامَ وفـي *** مُسيطرٍ وشَموسٍ واتخِـذْ جـرَسـا
وفي قَريسٍ وبرْدٍ قارِسٍ فـخـذِ ال *** صّوابَ منّي وكُنْ للعِلمِ مُقتَـبِـسـا
فقال لهُ: أحسنْتَ يا نُغَيشُ. يا صنّاجةَ الجيْشِ. ثمّ قال: ثِبْ يا عَنبَسَةُ. وبيّنِ الصّاداتِ المُلتَبِسَةَ. فوثبَ وِثبَةَ شِبلٍ مُثارٍ. ثم أنشَدَ من غيرِ عِثارٍ:
بالصّادِ يُكتَبُ قد قبَصْتُ دراهِـمـاً *** بأنامِلي وأصِخْ لتَستَمِعَ الـخَـبَـرْ
وبصَقْتُ أبصُقُ والصِّماخُ وصَنجةٌ *** والقَصُّ وهْوَ الصّدرُ واقتصّ الأثَرْ
وبخَصْتُ مُقلتَـهُ وهَـذي فُـرصَةٌ *** قد أُرعِدَتْ منهُ الفَريصَةُ للخَـوْرِ
وقصَرْتُ هِنداً أي حبَستُ وقد دنـا *** فِصْحُ النّصارَى وهْوَ عيدٌ مُنتظَـر
وقرَصْتُهُ والخـمْـرُ قـارِصَةٌ إذا *** حذَتِ اللّسانَ وكلّ هذا مُستَـطَـرْ
فقال له: رَعْياً لكَ يا بُنيّ. فلقدْ أقرَرْتَ عينيّ. ثمّ استَنْهَضَ ذا جُثّةٍ كالبَيذَقِ. ونَعشَةٍ كالسّوذَقِ. وأمرَهُ بأنْ يقِفَ بالمِرصادِ. ويسرُدَ ما يجْري على السّينِ والصّادِ. فنهضَ يسحَبُ بُردَيْهِ. ثمّ أنشَدَ مُشيراً بيدَيْهِ:
إنْ شِئْتَ بالسّينِ فاكتُبْ ما أبيّنـهُ *** وإنْ تَشأ فهْوَ بالصّاداتِ يُكتَتَـبُ
مَغسٌ وفَقسٌ ومُسطارٌ ومُمّلـسٌ *** وسالغٌ وسِراطُ الحقّ والسّقَـبُ
والسّامِغانِ وسقْرٌ والسَّويقُ ومِسْ *** لاقٌ وعن كل هذا تُفصحُ الكُتُبُ

فقال له: أحسَنتَ يا حبَقَةُ. يا عينَ بقّةَ. ثمّ نادى: يا دَغْفَلُ. يا أبا زَنفَلَ. فلبّاهُ فتًى أحسَنُ منْ بيضَةٍ. في روضَةٍ. فقال له: ما عَقْدُ هِجاء الأفعالِ. التي أخِرُها حرْفُ اعتِلالٍ? فقال: اسْمَعْ لا صُمّ صَداكَ. ولا سمِعَتْ عِداكَ! ثمّ أنشدَ. وما استَرشَدَ:
إذا الفِعْلُ يوماً غُمّ عنْكَ هجـاؤه *** فألحِقْ بهِ تاء الخِطابِ ولا تقِفْ
فإنْ ترَ قبْلَ التّاء ياءً فكَـتْـبُـهُ *** بياءٍ وإلا فهْوَ يُكتَبُ بـالألِـفْ
ولا تحسُبِ الفِعلَ الثّلاثيّ والذي *** تعدّاهُ والمهموزُ في ذاك يختلِفْ
فطَرِبَ الشيخُ لما أدّاهُ. ثمّ عوّذَهُ وفدّاهُ. ثمّ قال: هلمّ يا قَعْقاعُ. يا باقِعَةَ البِقاعِ. فأقْبَلَ فتًى أحسَنُ منْ نارِ القِرى. في عينِ ابنِ السُرَى. فقال له: اصدَعْ بتمْييزِ الظّاء منَ الضادِ. لتَصْدَعَ بهِ أكْبادَ الأضْدادِ. فاهتَزّ لقوْلِهِ واهتَشّ. ثمّ أنشَدَ بصوتٍ أجَشّ:
أيها السائلي عنِ الضّـادِ والـظّـا *** ء لكَـيْلا تُـضِـلّـهُ الألْـفـاظُ
إنّ حِفظَ الظّاءات يُغنيكَ فاسـمـع *** ها استِماعَ امرِئٍ لهُ اسـتـيقـاظُ
هيَ ظَمْياءُ والـمـظـالِـمُ والإظْ *** لامُ والظَّلْمُ والظُّبَى والـلَّـحـاظُ
والعَظا والظّليمُ والظبيُ والـشّـيْ *** ظَمُ والظّلُّ واللّظـى والـشّـواظُ
والتّظَنّي واللّفْظُ والنّظـمُ والـتـق *** ريظُ والقَيظُ والظّما والـلَّـمـاظُ
والحِظا والنّظيرُ والظّئرُ والـجـا *** حِظُ والـنّـاظِـرونَ والأيْقــاظُ
والتّشظّي والظِّلفُ والعظمُ والظّـن *** بوبُ والظَّهْرُ والشّظا والشِّظـاظُ
والأظافيرُ والمظَـفَّـرُ والـمـحْ *** ظورُ والحافِظـونَ والإحْـفـاظُ
والحَظيراتُ والمَظِـنّةُ والـظِّـنّ *** ةُ والكاظِمـونَ والـمُـغْـتـاظُ
والوَظيفاتُ والمُواظِـبُ والـكِـظّ *** ةُ والإنـتِـظـارُ والإلْـظــاظُ
ووَظـيفٌ وظـالِـعٌ وعـظــيمٌ *** وظَـهـيرٌ والـفَـظُّ والإغْـلاظُ
ونَظيفٌ والظَّرْفُ والظّلَفُ الـظّـا *** هِرُ ثمّ الـفَـظـيعُ والـوُعّـاظُ
وعُكاظٌ والظَّعْنُ والمَظُّ والـحـنْ *** ظَلُ والـقـارِظـانِ والأوْشـاظُ
وظِرابُ الظِّرّانِ والشّظَفُ الـبـا *** هِظُ والجعْـظَـريُّ والـجَـوّاظُ
والظَّرابينُ والحَناظِـبُ والـعُـنْ *** ظُبُ ثـمّ الـظّـيّانُ والأرْعـاظُ
والشَّناظِي والدَّلْظُ والظّأبُ والظَّبْ *** ظابُ والعُنظُوانُ والـجِـنْـعـاظُ
والشّناظيرُ والتّعـاظُـلُ والـعِـظْ *** لِمُ والبَظْـرُ بـعْـدُ والإنْـعـاظُ
هيَ هذي سِوى النّوادِرِ فاحـفَـظْ *** ها لتَقْـفـو آثـارَكَ الـحُـفّـاظُ
واقضِ في ما صرّفتَ منها كما تق *** ضيهِ في أصْلِهِ كقَيْظٍ وقـاظـوا
فقال لهُ الشيخُ: أحسنْتَ لا فُضّ فوكَ. ولا بُرّ منْ يجفوكَ. فوَاللهِ إنّكَ معَ الصِّبا الغَضّ. لأحْفَظُ منَ الأرضِ. وأجمَعُ من يومِ العرْضِ. ولقدْ أورَدْتُك ورُفْقتَكَ زُلالي. وثقّفْتُكُم تثْقيفَ العَوالي. فاذْكُروني أذكُرْكُمْ واشْكُروا لي وَلا تكفُرون. قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فعجِبْتُ لما أبْدى من بَراعَةٍ. معجونَةٍ برِقاعَةٍ. وأظهَرَ منْ حَذاقَةٍ. ممزوجَةٍ بحَماقَةٍ. ولمْ يزَلْ بصَري يُصَعِّدُ فيهِ ويصوِّبُ. وينقِّرُ عنهُ وينقِّبُ. وكنتُ كمنْ ينظُرُ في ظَلْماء. أو يَسري في بهْماء. فلما استَراثَ تنبُّهي. واسْتَبان تدلُّهي. حمْلقَ إليّ وتبسّمَ. وقال: لمْ يبقَ مَنْ يتوسّمُ. فبُهْتُ لفَحْوى كلامِهِ. ووجَدْتُهُ أبا زيدٍ عندَ ابتِسامِهِ. فأخذْتُ ألومُهُ على تديُّرِ بُقعَةِ النَّوْكى. وتخيُّرِ حِرفَةِ الحمْقَى. فكأنّ وجهَهُ أُسِفّ رَماداً. أو أُشرِبَ سَواداً. إلا أنهُ أنشدَ وما تَمادى:
تخيّرْتُ حِمْصَ وهَذي الصّناعهْ *** لأُرزَقَ حُظوَةَ أهلِ الرَّقاعَـهْ
فما يَصطَفي الدّهرُ غيرَ الرّقيعِ *** ولا يوطِنُ المالَ إلا بِقـاعَـهْ
ولا لأخي اللُّـبّ مـنْ دهْـرِهِ *** سوى ما لعَيْرٍ رَبيطٍ بِقـاعَـهْ
ثم قال: أمَا إنّ التعليمَ أشرَفُ صِناعةٍ. وأربَحُ بِضاعةٍ. وأنجَعُ شَفاعةٍ. وأفضَلُ براعَةٍ. وربُّهُ ذو إمْرَةٍ مُطاعَةٍ. وهيبَةٍ مُشاعَةٍ. ورعيّةٍ مِطواعةٍ. يتسيْطَرُ تسيْطُرَ أميرٍ. ويرتِّبُ ترْتيبَ وزيرٍ. ويتحكّمُ تحكُّمَ قَديرٍ. ويتشبّهُ بِذي مُلْكٍ كبيرٍ. إلا أنهُ يخْرَفُ في أمَدٍ يَسيرٍ. ويتّسِمُ بحُمقٍ شَهيرٍ. ويتقلّبُ بعقْلٍ صَغيرٍ. ولا يُنَبّئكَ مثلُ خَبيرٍ. فقلتُ لهُ: تاللهِ إنّكَ لابنُ الأيّامِ. وعلَمُ الأعلامِ. والسّاحِرُ اللاعِبُ بالأفْهامِ. المُذَلَّلُ لهُ سُبُلُ الكَلامِ. ثمّ لمْ أزَلْ معتَكِفاً بنادِيهِ. ومُغتَرِفاً منْ سيْلِ وادِيهِ. الى أن غابَتِ الأيامُ الغُرُّ. ونابَتِ الأحْداثُ الغُبْرُ. ففارقْتُهُ ولعَيْني العُبْرُ.


عدل سابقا من قبل في الأربعاء يناير 16, 2008 5:04 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Administrator
Administrator
Administrator



ذكر
عدد الرسائل : 57
الاوسمة : المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Aw110
السٌّمعَة : 0
نقاط : 7
تاريخ التسجيل : 04/10/2007

المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية   المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية I_icon_minitimeالخميس يناير 17, 2008 11:33 am

المقامة الحَجْرِيّة
حكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: احتَجْتُ الى الحِجامَةِ. وأنا بحَجْرِ اليَمامةِ. فأُرشِدْتُ الى شيخٍ يحْجُمُ بلَطافَةٍ. ويسفِرُ عنْ نَظافَةٍ. فبعَثْتُ غُلامي لإحْضارِهِ. وأرْصَدْتُ نفْسي لانتِظارِهِ. فأبْطأ بعْدَما انطلَقَ. حتى خِلتُهُ قد أبَقَ. أو ركِبَ طبَقاً عنْ طبَقٍ. ثمّ عادَ عوْدَ المُخفِقِ مسْعاهُ. الكَلِّ على موْلاهُ. فقُلْتُ لهُ: ويلَكَ أبُطْءَ فِنْدٍ. وصُلودَ زَندٍ? فزَعَم أنّ الشيخَ أشْغَلُ من ذاتِ النِّحْيَيْنِ. وفي حربٍ كحَرْبِ حُنَينٍ. فعِفتُ المَمْشى الى حجّامٍ. وحِرْتُ بين إقدامٍ وإحْجامٍ. ثمّ رأيتُ أنْ لا تعْنيفَ. على منْ يأتي الكَنيفَ. فلمّا شهِدْتُ موسِمَهُ. وشاهدْتُ مِيسَمَهُ. رأيتُ شيْخاً هيئَتُهُ نَظيفَةٌ. وحركَتُهُ خَفيفَةٌ. وعليْهِ منَ النّظارَةِ أطْواقٌ. ومنَ الزِّحامِ طِباقٌ. وبينَ يَدَيْهِ فتًى كالصَّمْصامَةِ. مُستَهدِفٌ للحِجامَةِ. والشيخُ يقولُ له: أراكَ قد أبرَزْتَ راسَكَ. قبلَ أن تُبرِزَ قِرْطاسَكَ. ووَلّيتَني قَذالَكَ. ولمْ تقُلْ لي ذا لَكَ. ولستُ ممّنْ يبيعُ نقْداً بدَينٍ. ولا يطلُبُ أثَراً بعدَ عينٍ. فإنْ أنتَ رضَخْتَ بالعَينِ. حُجِمْتَ في الأخدَعَينِ. وإنْ كُنتَ ترى الشُحّ أوْلى. وخزْنَ الفَلْسِ في النّفْسِ أحْلى. فاقْرأ عبَسَ وتولّى. واغْرُبْ عني وإلا. فقالَ الفتَى: والذي حرّمَ صوْغَ المَينِ. كما حرّمَ صيْدَ الحرَمَينِ. إني لأفْلَسُ منِ ابنِ يوْمَينِ. فثِقْ بسَيلِ تلْعَتي. وأنْظِرْني الى سَعَتي. فقالَ لهُ الشيخُ: ويْحَكَ إنّ مثَلَ الوُعودِ. كغرْسِ العودِ! هوَ بينَ أن يُدرِكَهُ العطَبُ. أو يُدرَكُ منهُ الرُّطَبُ. فما يُدْرِيني أيَحْصُلُ منْ عودِكَ جَنًى. أم أحصُلُ منهُ على ضنًى? ثمّ ما الثّقَةُ بأنّكَ حينَ تبتَعِدُ. ستَفي بما تعِدُ? وقد صارَ الغدْرُ كالتّحْجيلِ. في حِليَةِ هذا الجيلِ. فأرِحْني باللهِ منَ التّعذيبِ. وارْحَلْ الى حيثُ يَعْوي الذّيبُ. فاسْتَوى الغُلامُ إليْهِ. وقدِ استوْلى الخجَلُ علَيْهِ. وقال: واللهِ ما يَخيسُ بالعهْدِ. غيرُ الخَسيسِ الوغْدِ. ولا يرِدُ غَديرَ الغَدْرِ. إلا الوَضيعُ القدْرِ. ولوْ عرَفْتَ منْ أنا. لما أسمَعْتَني الخَنا. لكنّكَ جهِلْتَ فقُلْتَ. وحيثُ وجَبَ أنْ تسْجُدَ بُلْتَ. وما أقبَحَ الغُربَةَ والإقلالَ. وأحسَنَ قوْلَ منْ قال:
إنّ الغَريبَ الطّويلَ الذّيلِ ممتَهَـنٌ *** فكيفَ حالُ غَريبٍ ما لـهُ قـوتُ
لكنّهُ ما تَشينُ الـحُـرُّ مـوجِـعَةٌ *** فالمِسكُ يُسحَقُ والكافورُ مَفتـوتُ
وطالَما أُصْليَ الياقوتُ جمرَ غضًى *** ثمّ انطَفى الجمرُ والياقوتُ ياقوتُ

فقالَ لهُ الشيخُ: يا ويلَةَ أبيكَ. وعوْلَةَ أهليكَ! أأنْتَ في موقِفِ فخْرٍ يُظهَرُ. وحسَبٍ يُشهَرُ. أم موقِفِ جِلْدٍ يُكشَطُ. وَقَفاً يُشْرَطُ? وهبْ أنّ لكَ البيتَ. كما ادّعَيتَ. أيَحْصُلُ بذلِكَ. حَجْمُ قَذالِكَ? لا واللهِ ولوْ أنّ أباكَ أنافَ. على عبْدِ مُنافٍ. أو لخالِكَ دانَ. عبدُ المَدانِ. فلا تضْرِبْ في حَديدٍ بارِدٍ. ولا تطْلُبْ ما لسْتَ لهُ بواجِدٍ. وباهِ إذا باهَيْتَ بموجودِكَ. لا بحُدودِكَ. وبمَحْصولِكَ. لا بأصولِكَ. وبصِفاتِكَ. لا برُفاتِكَ. وبأعْلاقِكَ. لا بأعْراقِكَ. ولا تُطِعِ الطّمَعَ فيُذِلَّكَ. ولا تتّبِعِ الهَوى فيُضِلّكَ. وللهِ القائلُ لابنِهِ:
بُنيّ استَقِمْ فالعُـودُ تَـنـمـي عُـروقُـهُ *** قَويماً ويغْشاهُ إذا ما الـتَـوى الـتّـوَى
ولا تُطِعِ الحِرْصَ المُـذِلّ وكـنْ فـتًـى *** إذا التَهَبتْ أحشاؤهُ بـالـطّـوى طـوَى
وعاصِ الهَوى المُرْدي فكم من محَـلِّـقٍ *** إلى النّجْمِ لمّا أنْ أطاعَ الـهَـوى هـوَى
وأسعِفْ ذوي القُربى فـيقـبُـحُ أن يُرى *** على من إلى الحرّ اللُّبابِ انضوى ضوَى
وحافِظْ علـى مَـنْ لا يخـونُ إذا نَـبـا *** زمانٌ ومن يرْعى إذا ما الـنـوى نـوَى
وإنْ تقتدرْ فاصْفحْ فلا خيرَ فـي امـرِئٍ *** إذا اعتلَقتْ أظفارُهُ بـالـشّـوى شَـوى
وإيّاكَ والشّكـوى فـلـمْ تـرَ ذا نُـهًـى *** شكا بل أخو الجهل الذي ما ارعوى عوى
فقالَ الغُلامُ للنّظّارَةِ: يا للعَجيبةِ. والطُرفَةِ الغَريبةِ! أنْفٌ في السّماء. واسْتٌ في الماء! ولفْظٌ كالصّهْباء. وفِعْلٌ كالحَصْباء! ثمّ أقبلَ على الشيخِ بلِسانٍ سَليطٍ. وغيظٍ مُستَشيطٍ. وقال: أفٍّ لكَ منْ صوّاغٍ باللّسانِ. روّاغٍ عنِ الإحْسانِ! تأمُرُ بالبِرّ. وتعُقّ عُقوقَ الهِرّ. فإنْ يكُنْ سبَبُ تعنُّتِكَ. نَفاقَ صنعَتِكَ. فرَماها اللهُ بالكَسادِ. وإفْسادِ الحُسّادِ. حتى تُرى أفرَغَ منْ حَجّامِ ساباطَ. وأضيَقَ رِزْقاً منْ سمّ الخِياطِ. فقال لهُ الشيخُ: بلْ سلّطَ اللهُ عليْكَ بَثْرَ الفَمِ. وتبيُّغَ الدّمِ. حتى تُلْجأ الى حجّامٍ عظيمِ الاشْتِطاطِ. ثَقيلِ الاشْتِراطِ. كَليلِ المِشْراطِ. كثيرِ المُخاطِ والضُّراطِ. قال: فلمّا تبيّنَ الفتى أنهُ يشْكو الى غيْرِ مُصَمَّتٍ. ويُراوِدُ استِفْتاحَ بابٍ مُصْمَتٍ. أضْرَبَ عنْ رجْعِ الكَلامِ. واحتفَزَ للقيامِ. وعلِمَ الشيخُ أنهُ قدْ ألامَ. بما أسمَعَ الغُلامَ. فجنَحَ الى سِلمِهِ. وبذَلَ أنْ يُذعِنَ لحُكمِهِ. ولا يَبْغي أجْراً على حَجْمِهِ. وأبى الغُلامُ إلاّ المَشْيَ بدائِهِ. والهرَبَ منْ لِقائِهِ. وما زالا في حِجاجٍ وسِبابٍ. ولِزازٍ وجِذابٍ. الى أن ضجّ الفَتى منَ الشِّقاقِ. وتَلا رُدنُهُ سورَةَ الانشِقاقِ. فأعْوَلَ حينئِذٍ لوَفارَةِ خُسرِهِ. وانعِطاطِ عِرْضِهِ وطِمْرِهِ. وأخذَ الشيخُ يعتَذِرُ منْ فرَطاتِهِ. ويُغيِّضُ منْ عبَراتِهِ. وهوَ لا يُصْغي الى اعتِذارِهِ. ولا يقصِّرُ عنِ استِعْبارِهِ. الى أنْ قالَ لهُ: فَداكَ عمُّكَ. وعدَاكَ ما يغُمُّكَ! أما تسْأمُ الإعْوالَ. أما تعرِفُ الاحتِمالَ. أمَا سمِعْتَ بمَنْ أقالَ. وأخذَ بقولِ منْ قال:
أخمِدْ بحِلمكَ مـا يُذكـيهِ ذو سـفَـهٍ *** من نارِ غيظكَ واصْفَحْ إن جنى جانِ
فالحِلمُ أفضَلُ ما ازْدانَ اللّبـيبُ بـهِ *** والأخذُ بالعَفوِ أحْلى ما جَنـى جـانِ
فقال لهُ الغُلام: أمَا إنّكَ لو ظهرْتَ على عيْشيَ المُنكَدِرِ. لعَذَرْتَ في دمْعيَ المُنهَمِرِ. ولكِنْ هانَ على الأملَسِ ما لاقَى الدّبِرُ. ثمّ كأنّهُ نزَعَ الى الاستِحْياء. فأقْلَعَ عنِ البُكاء. وفاء الى الارْعِواء. وقال للشيخِ: قدْ صِرْتُ الى ما اشتَهَيْتَ. فارْقَعْ ما أوْهَيتَ. فقال: هيْهاتَ شغلَتْ شِعابي جَدوايَ. فشِمْ بارِقَ سِوايَ. ثمّ إنهُ نهضَ يستَقْري الصّفوفَ. ويستَجْدي الوُقوفَ. ويُنشِدُ في ضِمْنِ ما هوَ يطوفُ:
أُقسِمُ بالبـيتِ الـحـرامِ الـذي *** تهْوي إليْهِ الزُمَرُ المُحـرِمَـهْ
لوْ أنّ عِندي قُـوتَ يومٍ لَـمـا *** مسّتْ يَدي المِشْراطَ والمِحجَمهْ
ولا ارتضَتْ نفْسي التي لمْ تـزَلْ *** تسْمو الى المجْدِ بهذي السِّـمَـهْ
ولا اشْتَكى هذا الفتـى غِـلـظَةً *** منّي ولا شاكَتْهُ مـنّـي حُـمَـهْ
لكِنْ صُروفُ الدّهرِ غادَرْنـنـي *** كخابِطٍ في اللّيلَةِ المُـظـلِـمَـهْ
واضْطَرّني الفقْرُ الـى مـوقِـفٍ *** منْ دونِهِ خوْضُ اللّظى المُضرَمه
فهـلْ فـتًـى تُـدرِكُـــهُ رِقّةٌ *** عليّ أو تعطِـفُـهُ مَـرْحَـمَـهْ
قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فكُنتُ أوّلَ منْ أوى لبَلْواهُ. ورقّ لشَكْواهُ. فنفَحْتُهُ بدِرْهَمَينِ. وقلتُ: لا كانا ولوْ كانَ ذا مَيْنٍ! فابتهَجَ بباكُورَةِ جَناهُ. وتفاءلَ بهِما لغِناهُ. ولمْ تزَلِ الدّراهِمُ تنْهالُ عليْهِ. وتنْثالُ لديْهِ. حتى آلَ ذا عيشَةٍ خضْراء. وحَقيبةٍ بجْراء. فازْدهاهُ الفرَحُ عندَ ذلِكَ. وهنّأ نفْسَهُ بما هُنالِكَ. وقال للغُلام: هَذا ريْعٌ أنتَ بَذرُهُ. وحلَبٌ لكَ شطرُهُ. فهلُمّ لنَقتَسِمَ. ولا نحْتَشِمْ. فتقاسَماهُ بينَهُما شقَّ الأبلَمَةِ. ونهَضا مُتّفِقَي الكَلِمَةِ. ولمّا انتظَمَ بينهُما عقْدُ الاصْطلاحِ. وهمّ الشيخُ بالرّواحِ. قُلتُ له: قدْ تبوّغَ دَمي. ونقلْتُ إليْكَ قدَمي. فهلْ لكَ أن تحْجُمَني. وتُكفْكِفَ ما دهَمَني? فصوّبَ طرْفَهُ وصعّد. ثمّ ازْدَلَفَ إليّ وأنشدَ:
كيفَ رأيتَ خُدْعَتـي وخـتْـلـي *** وما جرى بيْني وبينَ سـخْـلـي
حتى انثَنَيْتُ فائِزاً بـالـخـصْـلِ *** أرْعى رياضَ الخِصْبِ بعدَ المحلِ
باللهِ يا مُهجةَ قلْـبـي قـلْ لـي *** هلْ أبصرَتْ عيناكَ قطُّ مثـلـي
يفتَـحُ بـالـرُقـيَةِ كـلَّ قُـفْـلِ *** ويستَبي بالسّحْـرِ كـلَّ عـقْـلِ
ويعجِنُ الجِـدّ بـمـاء الـهـزْلِ *** إنْ يكُنِ الإسكَنـدَريُّ قـبْـلـي
فالطّلُّ قـد يبْـدو أمـامَ الـوَبْـلِ *** والفضْلُ للـوابِـلِ لا لـلـطّـلِّ
قال: فنبّهَتْني أُرجوزَتُهُ عليْهِ. وأرَتْني أنهُ شيخُنا المُشارُ إليهِ. فقرّعْتُهُ على الابتِذالِ. والاتِحاقِ بالأرْذالِ. فأعْرضَ عمّا سمِعَ. ولمْ يُبَلْ بِما قُرّعَ. وقال: كُلَّ الحِذاء يحْتَذي الحافي الوَقِعُ. ثمّ قاصاني مُقاصاةَ المُهانِ. وانطلَقَ هوَ وابنُهُ كفَرَسيْ رِهانٍ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thaqafa.yoo7.com
Administrator
Administrator
Administrator



ذكر
عدد الرسائل : 57
الاوسمة : المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Aw110
السٌّمعَة : 0
نقاط : 7
تاريخ التسجيل : 04/10/2007

المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية   المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية I_icon_minitimeالخميس يناير 17, 2008 11:34 am

المقامة الحَراميّة
روى الحارثُ بنُ همّامٍ عنْ أبي زيدٍ السَّروجيّ قال: ما زِلْتُ مُذ رحَلْتُ عنْسي. وارتَحَلْتُ عنْ عِرْسي وغَرْسي. أحِنّ إلى عِيانِ البَصرَةِ. حَنينَ المظْلومِ الى النُصرَةِ. لِما أجمَعَ عليْهِ أرْبابُ الدّرايَةِ. وأصْحابُ الرّوايَةِ. منْ خصائِصِ معالمِها وعُلَمائِها. ومآثِرِ مشاهِدِها وشُهَدائِها. وأسْألُ اللهَ أن يوطِئَني ثَراها. لأفوزَ بمرْآها. وأنْ يُمطيَني قَراها. لأقْتَري قُراها. فلمّا أحَلّنيها الحظُّ. وسرَحَ لي فيها اللّحْظُ. رأيتُ بها ما يمْلأ العَينَ قُرّةً. ويُسْلي عنِ الأوطانِ كلّ غَريبٍ. فغلَسْتُ في بعض الأيامِ. حينَ نصَلَ خِضابُ الظّلامِ. وهتَفَ أبو المُنذِرِ بالنُّوّامِ. لأخْطوَ في خِطَطِها. وأقْضيَ الوطَرَ منْ توسُّطِها. فأدّاني الاخْتِراقُ في مَسالِكِها. والانصِلاتُ في سِككِها. الى محلّةٍ موسومَةٍ بالاحْتِرامِ. منسوبَةٍ الى بني حَرامٍ. ذاتِ مَساجِدَ مشهودَةٍ. وحِياضٍ موْرودَةٍ. ومَبانٍ وثيقَةٍ. ومغانٍ أنيقَةٍ. وخصائِصَ أثيرَةٍ. ومَزايا كثيرةٍ:
بها ما شِئْتَ مـنْ دِينٍ ودُنْـيا *** وجيرانٍ تنافَوْا في المعانـي
فمَشغوفٌ بآياتِ المـثـانـي *** ومفْتونٌ برَنّاتِ المـثـانـي
ومُضْطَلِعٌ بتلْخيصِ المعانـي *** ومُطّلِعٌ الى تخْلـيصِ عـانِ
وكمْ منْ قارِئٍ فيهـا وقـارٍ *** أضَرّا بالجُفونِ وبالجِـفـانِ
وكمْ منْ مَعْلَمٍ للعِلْـمِ فـيهـا *** ونادٍ للنّدى حُلْوِ المَـجـانـي
ومَغْنًى لا تزالُ تـغَـنُّ فـيهِ *** أغاريدُ الغَواني والأغـانـي
فصِلْ إن شِئتَ فيها مَنْ يُصَلّي *** وإمّا شِئْتَ فادنُ منَ الدِّنـانِ
ودونَكَ صُحبَةَ الأكياسِ فيهـا *** أوِ الكاساتِ منطَلِقَ العِنـانِ

قال: فبَينَما أنا أنفُضُ طُرُقَها. وأستَشِفُّ رونَقَها. إذْ لمحْتُ عندَ دُلوكِ بَراحِ. وإظْلالِ الرّواحِ. مسجِداً مُشتَهِراً بطَرائِفِهِ. مزدَهِراً بطوائِفِه. وقد أجْرى أهلُهُ ذِكْرَ حُروفِ البدَلِ. وجرَوْا في حلْبَةِ الجدَلِ. فعُجْتُ نحوَهُمْ. لأستَمطِرَ نوّهُمْ. لا لأقتَبِسَ نحوَهُمْ. فلمْ يكُ إلا كقَبْسَةِ العَجْلانِ. حتى ارتفَعَتِ الأصْواتُ بالأذانِ. ثمّ رَدِفَ التّأذينَ بُروزُ الإمامِ. فأُغْمِدَتْ ظُبى الكلامِ. وحُلّتِ الحِبى للقِيامِ. وشُغِلْنا بالقُنوتِ. عنِ استِمْدادِ القوتِ. وبالسّجودِ. عنِ استِنْزال الجودِ. ولمّا قُضيَ الفَرْضُ. وكادَ الجمْعُ ينفَضّ. انْبَرى منَ الجماعَةِ. كهْلٌ حُلْوُ البَراعةِ. لهُ منَ السّمتِ الحسَنِ. ذَلاقَةُ اللّسَنِ. وفَصاحَةُ الحسَنِ. وقال: يا جيرَتي. الذينَ اصْطفَيتُهُمْ على أغصانِ شجرَتي. وجعلْتُ خِطتَهُمْ دارَ هِجرَتي. واتّخَذْتُهُمْ كَرِشي وعَيبَتي. وأعددْتُهُمْ لمَحْضَري وغيْبَتي. أما تعْلَمونَ أنّ لَبوسَ الصّدقِ أبْهى الملابِسِ الفاخِرةٍ. وأنّ فُضوحَ الدُنيا أهوَنُ منْ فُضوحِ الآخِرَةِ? وأنّ الدّينَ إمْحاضُ النّصيحَةِ. والإرْشادَ عُنوانُ العَقيدَةِ الصّحيحةِ? وأنّ المُستَشارَ مُؤتَمَنٌ. والمستَرشِدَ بالنُصحِ قَمِنٌ? وأنّ أخاكَ هوَ الذي عذلَكَ. لا الذي عذَرَكَ? وصديقَكَ منْ صدقَكَ. لا مَنْ صدّقَكَ? فقال لهُ الحاضِرون: أيها الخِلّ الوَدودُ. والخِدْنُ الموْدودُ. ما سِرّ كلامِكَ المُلغَزِ. وما شرْحُ خِطابِكَ الموجِزِ. وما الذي تبْغيهِ منّا ليُنْجَزَ? فوَالذي حَبانا بمحبّتِكَ. وجعلَنا منْ صفْوَةِ أحِبّتِكَ. ما نألوكَ نُصْحاً. ولا ندّخِرُ عنْكَ نَضْحاً. فقال: جُزيتُمْ خيراً. ووُقيتُمْ ضَيراً. فإنّكُمْ ممّنْ لا يَشْقى بهِمْ جَليسٌ. ولا يصدُرُ عنهُمْ تلْبيسٌ. ولا يُخيَّبُ فيهِمْ مَظنونٌ. ولا يُطْوى دونَهُمْ مكْنونٌ. وسأبُثّكمْ ما حاكَ في صدْري. وأستَفْتيكُمْ في ما عيلَ فيهِ صبْري. اعْلَموا أني كُنتُ عندَ صُلودِ الزّنْدِ. وصُدودِ الجَدّ. أخْلَصْتُ معَ اللهِ نِيّةَ العقْدِ. وأعطَيتُهُ صَفقَةَ العهْدِ. على أنْ لا أسْبأ مُداماً. ولا أُعاقِرَ نَدامَي. ولا أحْتَسيَ قهوَةً. ولا أكْتَسيَ نشْوَةً. فسوّلَتْ ليَ النّفسُ المُضِلّةُ. والشّهوَةُ المُذلّةُ المُزِلةُ. أنْ نادَمْتُ الأبْطالَ. وعاطَيتُ الأرْطالَ. وأضَعْتُ الوَقارَ. وارتضَعْتُ العُقارَ. وامتطَيْتُ مَطا الكُمَيتِ. وتناسيْتُ التّوبَةَ تَناسيَ الميْتِ. ثمّ لمْ أقْنَعْ بهاتِيكُمُ المَرّةِ. في طاعَةِ أبي مُرّةَ. حتى عكفْتُ على الخَندَريسِ. في يومِ الخَميسِ. وبتُّ صَريعَ الصّهْباء. في اللّيلَةِ الغرّاء. وها أنا بادي الكآبَةِ. لرَفْضِ الإنابَةِ. نامي النّدامَةِ. لوصْلِ المُدامَةِ. شديدُ الإشْفاقِ. منْ نقْضِ الميثاقِ. مُعتَرِفٌ بالإسْرافِ. في عَبّ السُّلافِ:
فيَا قوْمِ هلْ كَفّارَةٌ تعْرِفونَـهـا *** تُباعِدُ منْ ذَنْبي وتُدني الى ربّي
قال أبو زيد: فلمّا حلّ أُنشوطَةَ نفْثِهِ. وقَضى الوَطَرَ منِ اشتِكاء بثّهِ. ناجَتْني نفْسي يا أبا زيْدٍ. هذهِ نُهزَةُ صيْدٍ. فشمّرْ عن يدٍ وأيْدٍ. فانتهَضْتُ منْ مَجْثِمي انتِهاضَ الشّهْمِ. وانخرَطْتُ منَ الصّفّ انخِراطَ السّهْمِ. وقُلتُ:
أيهـا الأرْوَعُ الــذي *** فاقَ مجْـداً وسـؤدُدا
والذي يبْتَغي الـرّشـا *** دَ ليَنجـو بـهِ غَـدا
إنّ عندي عِـلاجَ مـا *** بِتَّ منهُ مـسَـهَّـدا
فاستَمِعْهـا عـجـيبةً *** غادرَتْنـي مُـلَـدَّدا
أنا منْ ساكِني سَـرو *** جَ ذَوي الدّينِ والهُدى
كنتُ ذا ثـرْوَةٍ بـهـا *** ومُطاعـاً مُـسَـوَّدا
مرْبَعي مألَفُ الضّـيو *** فِ ومالي لهُمْ سُـدَى
أشتَري الحمْدَ باللُّهـى *** وأقي العِرْضَ بالجَدا
لا أُبالي بـمُـنـفِـسٍ *** طاحَ في البَذْلِ والنّدى
أوقِدُ النـارَ بـالـيَفـا *** عِ إذا النِّكسُ أخْمَـدا
وبَراني المـؤمِّـلـو *** نَ مَلاذاً ومَقْـصِـدا
لمْ يشِمْ بارِقـي صَـدٍ *** فانْثَنى يشْتَكي الصّدَى
لا ولا رامَ قـابِــسٌ *** قدْحَ زَندي فأصْـلَـدا
طالَما ساعَدَ الـزّمـا *** نُ فأصْبَحْتُ مُسْعَـدا
فقَضى اللـهُ أنْ يُغـيّ *** رَ مـا كـانَ عَـوّدا
بوّأ الـرّومَ أرْضَـنـا *** بعْدَ ضِغْـنٍ تـولَّـدا
فاسْتباحوا حـريمَ مَـنْ *** صادَفـوهُ مـوَحِّـدا
وحوَوْا كلَّ ما استـس *** رّ بها لي ومـا بـدا
فتطوّحْتُ في الـبِـلا *** دِ طَـريداً مُـشـرَّدا
أجْتَدي الناسَ بعْـدَمـا *** كُنتُ من قَبْلُ مُجْتَدى
وتُرى بي خَصـاصَةٌ *** أتَمنّى لـهـا الـرّدى
والـبَـلاءُ الـذي بـهِ *** شمْلٌ أُنسـي تـبَـدّدا
إسْتِباءُ ابْنَتـي الـتـي *** أسَروها لتُـفْـتَـدى
فاسْتَبِنْ مِحـنَـتـي وم *** دّ الى نُصْـرَتـي يَدا
وأجِرْني منَ الـزّمـا *** نِ فقدْ جارَ واعْتَـدى
وأعِنّي علـى فَـكـا *** كِ ابْنَتي منْ يدِ العِدَى
فبِذا تَنْمَـحـي الـمـآ *** ثِمُ عـمّـنْ تـمـرّدا
وبِـهِ تُـقـبَـلُ الإنـا *** بَةُ مـمّـنْ تـزَهّـدا
وهْوَ كفّـارَةٌ لـمَـنْ *** زاغَ منْ بعْدِ ما اهْتَدى
ولَئِنْ قُمتُ مُـنـشِـداً *** فلقَدْ فُهْتُ مُـرشِـدا
فاقْبَلِ النُصْحَ والـهِـدا *** يَةَ واشْكُرْ لمَنْ هَـدى
واسمَحِ الآنَ بـالّـذي *** يتسنّى لـتُـحْـمَـدا
قال أبو زيدٍ: فلمّا أتْمَمْتُ هذْرَمَتي. وأُوهِمَ المسؤولُ صِدْقَ كلِمَتي. أغْراهُ القرَمُ الى الكرَمِ بمؤاساتي. ورغّبَهُ الكلَفُ بحمْلِ الكُلَفِ في مُقاساتي. فرضَخَ لي على الحافِرَةِ. ونضَخَ لي بالعِدَةِ الوافِرَةِ. فانقلَبْتُ الى وَكْري. فرِحاً بنُجْحِ مَكْري. وقد حصلْتُ منْ صوْغِ المَكيدةِ. على سوْغِ الثّريدَةِ. ووصلْتُ منْ حوْكِ القَصيدَةِ. الى لوْكِ العَصيدَةِ. قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فقلتُ لهُ سُبحانَ منْ أبدعَكَ. فما أعْظمَ خُدَعَكَ. وأخْبَثَ بدَعَكَ! فاستَغْرَبَ في الضّحِك. ثمّ أنشدَ غيرَ مُرتَبِكٍ:
عِشْ بالخِداعِ فأنـتَ فـي *** دهْرٍ بَنوهُ كأُسْدِ بِـيشَـهْ
وأدِرْ قَناةَ المَـكْـرِ حـت *** ى تسْتَديرَ رَحى المَعيشَهْ
وصِدِ النّسورَ فإنْ تـعـذ *** رَ صيدُها فاقْنَعْ بريشَـهْ
واجْنِ الثّمارَ فإنْ تـفُـتْ *** كَ فرَضّ نفسَكَ بالحشيشَهْ
وأرِحْ فـؤادَكَ إنْ نَـبـا *** دهْرٌ منَ الفِكَرِ المُطيشَهْ
فتـغـايُرُ الأحْــداثِ يؤ *** ذِنُ باستِحالَةِ كُلّ عيشَـهْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thaqafa.yoo7.com
سيارات الشباب
مشرف
مشرف
سيارات الشباب


ذكر
عدد الرسائل : 1770
العمر : 25
الاوسمة : المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Wesaam12
السٌّمعَة : 0
نقاط : 41
تاريخ التسجيل : 09/10/2007

المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية   المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية I_icon_minitimeالإثنين أبريل 14, 2008 11:56 am

شكرا على المشاركة
الجميلة والرائعة

تحياتي

سيارات الشباب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thaqafa.yoo7.com
ابو حسين
مشرف
مشرف
ابو حسين


عدد الرسائل : 2613
الاوسمة : المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Mosamem
السٌّمعَة : 0
نقاط : 9
تاريخ التسجيل : 09/10/2007

المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية   المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية I_icon_minitimeالإثنين يوليو 07, 2008 2:02 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراعلى الموضيع الجديدة والرائعة

مع تحيات

ابو حسين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقامة 47-48-49-50 الرملية - الحلبية - الحجرية - الحرامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المقامة 51-52 الساسانية - البصرية
» المقامة 34-35 الشيرازية - الملطية
» المقامة 44- 45-46-النجرانية - البكرية - الشتوية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الادبي :: لغتنا العربية-
انتقل الى: