خطت الكرة السورية في الآونة الأخيرة خطوات واثقة على طريق التميز والتقدّم، الأمر الذي أثّر إيجاباً على مسيرة منتخباتها في كافة الفئات العمرية، إلى جانب تمكّن أنديتها من تحقيق نتائج لافتة في غالبية المحافل العربية والآسيوية.
ولعلّ تعادل المنتخب السوري الأخير في تصفيات آسيا المؤهلة لنهائيات كأس العالم، إضافة إلى المراكز المتقدّمة التي حققتها أندية الكرامة والطليعة والمجد خلال الأعوام الأخيرة، وانتهاء احتكار نادي الجيش للبطولات المحلية، ينبئ ببدء جني ثمار الجهد الذي بذلته الكرة السورية في الأعوام الثلاثة الماضية، وينذر الجميع بأن الكرة السورية قادمة لا محالة.
التطوّر الذي أصاب الكرة السورية لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعرق الجبين، والتخطيط الدقيق، والعمل الموصول، إلى جانب توفير الدعمين المادي والمعنوي للأندية والمنتخبات، والتطور في المنشآت الرياضية، ووقوف الجماهير وراء كل ما هو "رياضة سورية"، الأمر الذي شكّل لدى اللاعبين حافزاً بضرورة الإنجاز بقدر العطاء.
ولم يُصِب التطور المنتخبات والأندية فقط، بل أن المدرّب السوري أصبح ذو سمعة عالية، وإمكانيات جيدة، فانتقل من التدريب المحلي للاحتراف، وخير دليل على ذلك، مدرّب نادي شباب الأردن النجم نزار محروس، الذي ساهم بتحقيق إنجازات محلية وخارجية مع النادي بزمن قياسي، رغم حداثة عهده والنادي.
كل ما تمّ ذكره لا يمكن أن نعزله عن تطبيق الاحتراف في سوريا بأي حال من الأحوال، بل أن الركيزة الأساسية في هذا النجاح هو التطبيق الناحج والهادف لنظام الاحتراف، الذي رافقه التطور في المجالات سالفة الذكر، وبالتالي انعكس إيجاباً على الكرة السورية، بل أننا متفائلون بتحقيق المزيد من الإنجازات (إن شاء الله).
إن التجربة السورية (رغم أنها ما زالت في البداية)، تعدُّ إنموذجاً للكرة العربية، فهي تفضي إلى إمكانية التقدّم والتطور والارتقاء بمستواها، بانتهاج النهج ذاته، والاستفادة من التجربة، وتطويرها ما أمكن، وأن لا نطبق الاحتراف بمسماه فقط، بل يجب أن يترافق تطبيقه مع التطور بجوانب أخرى، خصوصاً مسألة المنشآت الرياضية، والدعم المادي، وبذلك نضمن تطوّر الكرة العربية، ونحقق مقولة ما زالت حلماً، ألا وهي: "كرة عربية تنافس العالمية".