هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالقرآن الكريم البوابةأحدث الصورالتسجيلالتحميل شات ثقافة دخول

 

 المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
khaled1212
عضو ماسي
عضو ماسي
khaled1212


ذكر
عدد الرسائل : 2380
السٌّمعَة : 1
نقاط : 60
تاريخ التسجيل : 05/10/2007

المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية Empty
مُساهمةموضوع: المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية   المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية I_icon_minitimeالأربعاء يناير 16, 2008 9:17 am

المقامة الشِّعريّة

حكَى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: نَبا بي مألَفُ الوطَنِ. في شرْخِ الزّمنِ. لخَطْبٍ خُشِيَ. وخوفٍ غشِيَ. فأرَقْتُ كأسَ الكَرى. ونصَصْتُ رِكابَ السُّرَى. وجُبْتُ في سَيْري وُعوراً لم تُدَمّثْها الخُطى. ولا اهتَدَتْ إليْها القَطا. حتى ورَدْتُ حِمَى الخِلافَةِ. والحرَمَ العاصمَ من المَخافةِ. فسرَوْتُ إيجاسَ الرّوْعِ واستِشْعارَهُ. وتسرْبَلْتُ لِباسَ الأمْنِ وشِعارَهُ. وقصَرْتُ همّي على لذّةٍ أجتَنيها. ومُلْحَةٍ أجْتَليها. فبرَزْتُ يوْماً الى الحريمِ لأرُوضَ طِرْفي. وأُجيلَ في طُرْقِهِ طَرْفي. فإذا فُرْسانٌ مُتتالونَ. ورِجالٌ مُنثالونَ. وشيْخٌ طويلُ اللّسانِ. قصيرُ الطّيلَسانِ. قد لَبّبَ فتًى جَديدَ الشّبابِ. خلَقَ الجِلْبابِ. فركضْتُ في إثْرِ النّظّارَةِ. حتى وافَيْنا بابَ الإمارَةِ. وهُناكَ صاحِبُ المَعونَةِ مربِّعاً في دَسْتِهِ. ومُروِّعاً بسَمْتِهِ. فقالَ لهُ الشيخُ: أعَزَّ اللهُ الواليَ. وجعلَ كعْبَهُ العاليَ. إني كفَلْتُ هذا الغُلامَ فَطيماً. وربّيتُهُ يَتيماً. ثمّ لمْ آلُهُ تعْليماً. فلمّا مهَرَ وبَهَرَ. جرّدَ سيْفَ العُدْوانِ وشَهَرَ. ولمْ إخَلْهُ يلْتَوي عليّ ويتّقِحُ. حينَ يرتَوي مني ويلْتَقِحُ. فقالَ لهُ الفتى: عَلامَ عثَرْتَ مني. حتى تنشُرَ هذا الخِزْيَ عني? فوَاللهِ ما ستَرْتُ وجْهَ بِرّكَ. ولا هتَكْتُ حِجابَ سِتْرِكَ. ولا شقَقْتُ عَصا أمرِكَ. ولا ألغَيْتُ تِلاوَةَ شُكْرِكَ. فقالَ لهُ الشيخُ: ويْلَكَ وأيُّ رَيْبٍ أخْزى منْ رَيْبِكَ. وهلْ عيبٌ أفحَشُ منْ عيبِكَ? وقدِ ادّعيتَ سِحْري واستَلْحَقتَهُ. وانتحَلْتَ شِعْري واستَرَقتَهُ? واستِراقُ الشّعرِ عندَ الشّعراء. أفظَعُ منْ سرِقَةِ البَيْضاء والصّفْراء. وغَيرَتُهُمْ على بَناتِ الأفكارِ. كغيرَتِهِمْ على البَناتِ الأبكارِ. فقالَ الوالي للشّيخِ: وهلْ حينَ سرَقَ سلَخَ أم مسخَ. أم نسَخَ? فقال: والذي جعلَ الشّعْرَ ديوانَ العرَبِ. وتَرْجُمانَ الأدَبِ. ما أحْدَثَ سوى أن بتَرَ شمْلَ شرْحِهِ. وأغارَ على ثُلُثَيْ سَرْحِهِ. فقال لهُ: أنْشِدْ أبياتَكَ برمّتِها. ليتّضِحَ ما احتازَهُ منْ جُملَتِها. فأنشدَ:
يا خاطِبَ الدّنيا الـدّنِـيّةِ إنّـهـا *** شرَكُ الرّدى وقَرارَةُ الأكـدارِ
دارٌ متى ما أضْحكتْ في يومِها *** أبْكَتْ غداً بُعْداً لهـا مـنْ دارِ
وإذا أظَلّ سَحابُها لم ينـتَـقِـعْ *** منْه صدًى لجَهامِـهِ الـغـرّارِ
غاراتُها ما تنْقَضي وأسـيرُهـا *** لا يُفتَدى بجـلائِلِ الأخْـطـارِ
كمْ مُزْدَهًى بغُرورِها حتى بَـدا *** متمَرّداً مُتجـاوِزَ الـمِـقْـدارِ
قلَبَتْ لهُ ظهْرَ المِجَنّ وأولَغَـتْ *** فيهِ المُدى ونزَتْ لأخْذِ الـثّـارِ
فارْبأ بعُمرِكَ أن يمُرّ مُضَـيَّعـاً *** فيها سُدًى من غيرِ ما استِظهارِ
واقطَعْ علائِقَ حُبّها وطِلابِـهـا *** تلْقَ الهُدى ورَفـاهَةَ الأسْـرارِ
وارْقُبْ إذا ما سالَمتْ من كيدِها *** حرْبَ العَدى وتوثُّبَ الـغَـدّارِ
واعْلَمْ بأنّ خُطوبَها تفْجـا ولـوْ *** طالَ المدى ووَنَتْ سُرى الأقدارِ
فقال لهُ الوالي: ثمّ ماذا. صنعَ هذا? فقال: أقْدَمَ للُؤمِهِ في الجَزاء. على أبْياتيَ السُداسيّةِ الأجْزاء. فحذَفَ منها جُزءينِ. ونقَصَ منْ أوزانِها وزْنَينِ. حتى صارَ الرُّزْء فيها رُزْءينِ. فقالَ له: بيّنْ ما أخذَ. ومنْ أينَ فلَذَ? فقال: أرْعِني سمْعَكَ. وأخْلِ للتّفَهُّمِ عني ذرْعَكَ. حتى تتبيّنَ كيفَ أصْلَتَ عليّ. وتقْدُرَ قدْرَ اجْتِرامِهِ إليّ. ثم أنْشَدَ. وأنفاسُهُ تتصعّد:
يا خاطِبَ الدّنيا الدّنِيّ *** ةِ إنّها شرَكُ الرّدى
دارٌ متى ما أضْحكت *** في يومِها أبْكَتْ غدا
وإذا أظَلّ سَحابُـهـا *** لم ينتَقِعْ منْه صدى
غاراتُها ما تنْقَضـي *** وأسيرُها لا يُفتَـدى
كمْ مُزْدَهًى بغُرورِها *** حتى بَدا متـمَـرّدا
قلَبَتْ لهُ ظـهْـرَ الـمِـجَ *** نّ وأولَغَتْ فـيهِ الـمُـدى
فارْبأ بعُـمـرِكَ أن يمُـرّ *** مُضَـيَّعـاً فـيهـا سُـدى
واقطَعْ علائِقَ حُبّها وطِلابِها *** تلْــقَ الـــهُـــدى
وارْقُبْ إذا ما سـالَـمـتْ *** من كيدِها حرْبَ الـعَـدى
واعْلَمْ بـأنّ خُـطـوبَـهـا *** تفْجا ولوْ طـالَ الـمـدى
فالتفَتَ الوالي الى الغُلامِ وقال: تبّاً لكَ منْ خِرّيجٍ مارِقٍ. وتِلميذٍ سارِقٍ! فقالَ الفَتى: برِئْتُ منَ الأدَبِ وبَنيهِ. ولحِقْتُ بمَنْ يُناويهِ. ويقوّضُ مَبانِيهِ. إنْ كانتْ أبياتُهُ نمَتْ الى عِلْمي. قبلَ أن ألّفْتُ نظْمي. وإنّما اتّفقَ تواردُ الخَواطِرِ. كما قدْ يقَعُ الحافِرُ على الحافِرِ. قال: فكأنّ الواليَ جوّزَ صِدْقَ زعْمِهِ. فندِمَ على بادِرَةِ ذمّهِ. فظَلّ يُفكّرُ في ما يكْشِفُ لهُ عنِ الحقائِقِ. ويميّزُ بهِ الفائِقَ. منَ المائِقِ. فلمْ يرَ إلا أخْذَهُما بالمُناضَلَةِ. ولزّهُما في قرَنِ المُساجَلَةِ. فقالَ لهُما: إنْ أرَدْتُما افتِضاحَ العاطِلِ. واتّضاحَ الحقّ منَ الباطِلِ. فتَراسَلا في النّظْمِ وتبارَيا. وتَجاوَلا في حلبَةِ الإجازَةِ وتجارَيا. ليهْلِكَ منْ هلَكَ عنْ بيّنَةٍ. ويحْيا مَنْ حَيّ عنْ بيّنَةٍ. فقالا بلِسان واحِدٍ. وجَوابٍ متوارِدٍ: قدْ رضينا بسَبْرِكَ. فمُرْنا بأمرِكَ. فقال: إني مولَعٌ من أنواعِ البَلاغَةِ بالتّجْنيسِ. وأراهُ لها كالرّئيسِ. فانظِما الآنَ عشَرَةَ أبياتٍ تُلحِمانِها بوَشْيِهِ. وتُرَصّعانِها بحَلْيهِ. وضمِّناها شرْحَ حالي. معَ إلْفٍ لي بَديعِ الصّفَةِ. ألمَى الشّفَةِ. مَليحِ التّثَنّي. كثيرِ التّيهِ والتّجَنّي. مُغْرًى بتَناسي العهْدِ. وإطالَةِ الصّدّ. وإخْلافِ الوعْدِ. وأنا لهُ كالعَبْدِ. قال: فبرَزَ الشيخُ مُجَلّياً. وتلاهُ الفَتى مُصَلّياً. وتجارَيا بيْتاً فبَيْتاً على هذا النّسَقِ. الى أن كمُلَ نظْمُ الأبياتِ واتّسَقَ. وهيَ:
وأحْوَى حَوى رِقّي بـرِقّةِ ثـغْـرِهِ *** وغادَرَني إلْفَ السُّـهـادِ بـغَـدْرِهِ
تصدّى لقتْلي بالـصّـدودِ وإنّـنـي *** لَفي أسرِهِ مُذْ حازَ قلبـي بـأسْـرِهِ
أصدّقُ منهُ الزّورَ خـوْفَ ازْوِرارِهِ *** وأرْضى استماعَ الهُجرِ خشية هجْرِهِ
وأستَعْذِبُ التّعْذيبَ منـهُ وكـلّـمـا *** أجَدّ عذابي جَـدّ بـي حُـبّ بِـرّهِ
تَناسى ذِمامي والتّـنـاسـي مـذَمّةٌ *** وأحفَظَ قلْبي وهْوَ حـافِـظُ سِـرّهِ
وأعجَبُ ما فيهِ التّباهي بـعُـجْـبِـهِ *** وأكْبِرُهُ عـنْ أنْ أفـوهَ بـكِـبـرِهِ
لهُ منّيَ المدْحُ الذي طـابَ نـشْـرُهُ *** ولي منهُ طيُّ الوِدّ من بعْدِ نـشْـرِهِ
ولوْ كان عدلاً ما تجنّى وقد جَـنـى *** عليّ وغيري يجتَني رشْفَ ثـغـرِهِ
ولوْلا تثَـنّـيهِ ثـنَـيْتُ أعـنّـتـي *** بِداراً الى منْ أجْتَلـي نـورَ بـدرِهِ
وإني على تصْريفِ أمـري وأمـرِهِ *** أرى المُرّ حُلواً في انقِيادي لأمـرِهِ
فلمّا أنشَداها الوالي مُتراسِلَينِ. بُهِتَ لذَكاءيْهِما المُتعادِلَينِ. وقال: أشهَدُ باللهِ أنّكُم فرْقَدا سماءٍ. وكزَنْدَينِ في وعاءٍ. وأنّ هذا الحدَثَ ليُنْفِقُ ممّا آتاهُ اللهُ. ويستَغْني بوُجْدِهِ عمّنْ سِواهُ. فتُبْ أيها الشيخُ منِ اتّهامِهِ. وثُبْ الى إكْرامِهِ. فقالَ الشيخُ: هيهاتَ أن تُراجِعَهُ مِقَتي. أو تعْلَقَ بهِ ثِقَتي! وقدْ بلَوْتُ كُفْرانَهُ للصّنيعِ. ومُنيتُ منهُ بالعُقوقِ الشّنيعِ. فاعتَرَضَهُ الفتى وقال: يا هذا إنّ اللّجاجَ شؤمٌ. والحنَقَ لؤمٌ. وتحقيقَ الظِّنّةِ إثمٌ. وإعْناتَ البَريء ظُلمٌ. وهَبْني اقترَفْتُ جَريرةً. أوِ اجتَرَحْتُ كَبيرةً. أمَا تذْكُرُ ما أنشَدْتَني لنفسِكَ. في إبّانِ أُنسِكَ:
سامِحْ أخاكَ إذا خلَـطْ *** منهُ الإصابَةَ بالغلَـطْ
وتجافَ عنْ تعْنـيفِـه *** إنْ زاغَ يوماً أو قسَطْ
واحفَظْ صَنيعَكَ عنـدَه *** شكرَ الصّنيعَةَ أم غمَطْ
وأطِعْهُ إنْ عاصَى وهُـنْ *** إنْ عَزّ وادْنُ إذا شـحَـطْ
واقْنَ الـوَفـاءَ ولَـوْ أخ *** لّ بما اشترَطْتَ وما شرَطْ
واعْلَمْ بأنّـكَ إن طـلـبْ *** تَ مهذَّباً رُمتَ الشّطَـطْ
منْ ذا الذي مـا سـاء ق *** طُّ ومنْ لهُ الحُسْنى فقـطْ
أوَمَا تَرى المَحْبـوبَ وال *** مَكروهَ لُزّا فـي نـمَـطْ
كالشّوْكِ يبْدو في الغُصـو *** نِ معَ الجَنيّ المُلتَـقَـطْ
ولَذاذَةُ العُمـرِ الـطّـوي *** لِ يَشوبُها نغَصُ الشّمَـطْ
ولوِ انتقَدْتَ بَنـي الـزّمـا *** نِ وجَدتَ أكثرَهُم سقَـطْ
رُضْتُ البَلاغَةَ والـبَـرا *** عَةَ والشّجاعَةَ والخِطَـطْ
فوجَدتُ أحسـنَ مـا يُرى *** سبْرَ العُلومِ معـاً فـقـطْ

قال: فجعَلَ الشيخُ يُنَضْنِضُ نضْنَضَةَ الصِّلّ. ويُحملِقُ حملَقَةَ البازي المُطِلّ. ثمّ قال: والذي زيّنَ السّماء بالشُّهُبِ. وأنزلَ الماء من السُّحُبِ. ما روْغي عنِ الاصْطِلاحِ. إلا لتَوْقّي الافتِضاحِ. فإنّ هذا الفتى اعْتادَ أن أمونَهُ. وأُراعيَ شُؤونَهُ. وقد كانَ الدهرُ يسُحّ. فلمْ أكُنْ أشُحّ. فأمّا الآنَ فالوقْتُ عَبوسٌ. وحشْوُ العيْشِ بوسٌ. حى إنّ بِزّتي هذه عارَةٌ. وبيْتي لا تَطورُ بهِ فارَةٌ. قال: فرَقّ لمَقالِهما قلبُ الوالي. وأوى لهُما من غِيَرِ اللّيالي. وصَبا الى اختِصاصِهِما بالإسعافِ. وأمرَ النّظّارَةَ بالانصِرافِ. قال الرّاوي: وكُنتُ متشوّفاً الى مرْأى الشيخِ لعلّي أعلَمُ عِلمَهُ. إذا عاينْتُ وَسْمَهُ. ولم يكُنِ الزّحامُ يسفِرُ عنْهُ. ولا يُفرَجُ لي فأدنوَ منهُ. فلما تقوّضَتِ الصّفوفُ. وأجفَلَ الوقوفُ. توسّمْتُهُ فإذا هو أبو زيدٍ والفتى فتاهُ. فعرَفْتُ حينئذ مغْزاهُ في ما أتاهُ. وكِدْتُ أنقَضُّ عليهِ. لأستعْرِفَ إلَيهِ. فزجَرَني بإيماضِ طرْفِهِ. واستَوقفَني بإيماء كفّهِ. فلزِمْتُ موقِفي. وأخّرْتُ منصَرَفي. فقال الوالي: ما مَرامُكَ. ولأي سببٍ مُقامُكَ? فابتدَرَهُ الشيخُ وقال: إنهُ أنيسي. وصاحِبُ ملْبوسي. فتسمّحَ عندَ هذا القولِ بتأنيسي. ورخّصَ في جُلوسي. ثمّ أفاضَ عليهِما خِلعتَينِ. ووصلَهُما بنِصابٍ منَ العينِ. واستعْهَدَهُما أن يتَعاشَرا بالمعروفِ. الى إظْلالِ اليوم المَخوفِ. فنَهضا منْ نادِيهِ. مُنشِدَينِ بشُكْرِ أياديهِ. وتبعْتُهُما لأعرِف مثواهُما. وأتزوّدَ من نجْواهُما. فلمّا أجَزْنا حِمى الوالي. وأفضَيْنا الى الفضاءِ الخالي. أدركَني أحدُ جلاوِزَتِه. مُهيباً بي الى حوزَتِه. فقلتُ لأبي زيدٍ: ما أظنّهُ استَحْضَرَني. إلا ليَستَخبِرَني. فماذا أقولُ. وفي أيّ وادٍ معَهُ أجولُ? فقال: بيّنْ لهُ غَباوَةَ قلبِهِ. وتلْعابي بلُبّهِ. ليعْلَمَ أنّ ريحَهُ لاقَتْ إعصاراً. وجدوَلَهُ صادَفَ تيّاراً. فقلتُ: أخافُ أن يتّقدَ غضَبُهُ. فيلْفَحَكَ لهَبُهُ. أو يستَشْريَ طيْشُهُ. فيسرِيَ إليكَ بطْشُهُ. فقال: إني أرحَلُ الآن الى الرُّهى. وأنّى يلْتَقي سُهَيلٌ والسُّهَى? فلمّا حضرْتُ الواليَ وقد خَلا مجلِسُهُ. وانجلَى تعبُّسُهُ. أخذ يصِفُ أبا زيدٍ وفضلَهُ. ويذُمّ الدهرَ لهُ. ثمّ قال: نشَدْتُك اللهَ ألَسْتَ الذي أعارَهُ الدَّسْتَ? فقلت: لا والذي أحلّكَ في هذا الدَّسْتِ. ما أنا بصاحِبِ ذلِك الدّسْتِ. بل أنت الذي تمّ عليهِ الدّسْتُ. فازْوَرّتْ مُقلَتاهُ. واحمرّتْ وجْنَتاهُ. وقال: واللهِ ما أعجزَني قطُّ فضْحُ مُريبٍ. ولا تكْشِيفُ مَعيبٍ. ولكِنْ ما سمِعْتُ بأنّ شيخاً دلّسَ. بعدَما تطلّسَ. وتقلّسَ. فبِهذا تمّ لهُ أنْ لبّسَ. أفتَدْري أينَ سكَعَ. ذلِك اللُّكَعُ? قلت: أشفَقَ منْكَ لتَعَدّي طورِهِ. فظعَنَ عنْ بغْدغدَ منْ فورِهِ. فقال: لا قرّبَ اللهُ لهُ نَوى. ولا كلأهُ أينَ ثوَى. فما زاوَلْتُ أشَدّ منْ نُكرِهِ. ولا ذُقْتُ أمَرّ منْ مكْرِهِ. ولوْلا حُرمَةُ أدبِهِ. لأوْغَلْتُ في طلَبِهِ. الى أن يقَعَ في يَدي فأُوقِعَ به. وإني لأكرَهُ أن تَشيعَ فَعْلتُهُ بمدينةِ السّلامِ. فأفتَضِحَ بينَ الأنامِ. وتحْبَطَ مكانَتي عندَ الإمامِ. وأصيرَ ضُحْكَةً بين الخاصّ والعامّ. فعاهَدني على أن لا أفوهَ بما اعتَمَدَ. ما دُمْتُ حِلاًّ بهذا البلَدِ. قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فعاهدْتُهُ مُعاهدَةَ منْ لا يتأوّلُ. ووَفَيْتُ لهُ كما وَفى السّمَوْألُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
khaled1212
عضو ماسي
عضو ماسي
khaled1212


ذكر
عدد الرسائل : 2380
السٌّمعَة : 1
نقاط : 60
تاريخ التسجيل : 05/10/2007

المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية   المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية I_icon_minitimeالأربعاء يناير 16, 2008 9:18 am

المقامة القَطيعيّة

حكى الحارثُ بنُ هَمّامٍ قال: عاشَرتُ بقطيعَةِ الرّبيعِ. في إبّانِ الرّبيعِ. فِتيةً وجوهُهُمْ أبلَجُ من أنوارِهِ. وأخلاقُهُمْ أبهَجُ من أزهارِهِ. وألفاظُهُمْ أرقُّ من نسيمِ أسحارِهِ. فاجتَلَيتُ منهُمْ ما يُزْري على الرّبيعِ الزّاهِرِ. ويُغْني عن رنّاتِ المَزاهِرِ. وكنّا تقاسَمْنا على حِفْظِ الوِدادِ. وحَظْرِ الاستِبْدادِ. وأن لا يتفرّدَ أحدُنا بالتِذاذٍ. ولا يستأثِرَ ولو برَذاذٍ. فأجْمَعْنا في يومٍ سَما دَجْنُهُ. ونَما حُسنُه. وحكَمَ بالاصْطِباحِ مُزْنُهُ. على أنْ نلتَهي بالخُروجِ. الى بعضِ المُروجِ. لنُسرِّحَ النّواظِرَ. في الرّياضِ النّواضِرِ. ونصْقُلَ الخواطِرَ. بشَيْمِ المَواطِرِ. فبرَزْنا ونحنُ كالشّهورِ عِدّةً. وكنَدْمانَيْ جَذيمَةَ مودّةً. الى حَديقَةٍ أخذَتْ زُخرُفَها وازّيّنَتْ. وتنوّعتْ أزاهيرُها وتلوّنَتْ. ومعَنا الكُمَيتُ الشَّموسُ. والسُقاةُ الشُّموسُ. والشّادي الذي يُطرِبُ السّامِعَ ويُلهِيهِ. ويَقْري كلَّ سمْعٍ ما يشتَهيهِ. فلمّا اطمأنّ بِنا الجُلوسُ. ودارَتْ عليْنا الكؤوسُ. وغَلَ علَيْنا ذِمْرٌ. عليهِ طِمْرٌ. فتجَهّمْناهُ تجهُّمَ الغيدِ الشِّيبَ. ووجَدْنا صفْوَ يومِنا قد شِيبَ. إلا أنهُ سلّمَ تسليمَ أولي الفَهْمِ. وجلسَ يَفُضّ لَطائِمَ النّثْر والنّظْمِ. ونحنُ ننْزَوي منِ انبِساطِهِ. وننْبَريْ لطَيِّ بِساطِهِ. الى أنْ غنّى شادِينا المُغْرِبُ. ومُغرِّدُنا المُطْرِبُ:
إلامَ سُعادُ لا تَصلِينَ حَـبْـلـي *** ولا تأوينَ لي مـمّـا أُلاقـي
صبَرْتُ عليكِ حتى عيلَ صبْري *** وكادَتْ تبلُغُ الرّوحُ التّـراقـي
وها أنا قدْ عزَمْتُ على انتِصافٍ *** أُساقي فيهِ خِلّي ما يُسـاقـي
فإنْ وَصْلاً ألذُّ بـهِ فـوَصْـلٌ *** وإنْ صَرْماً فصرْمٌ كالطّـلاقِ

قال: فاسَفْهَمْنا العابثَ بالمَثاني. لِمَ نصَبَ الوصْلَ الأوّلَ ورفَعَ الثّاني? فأقْسَمَ بتُربَةِ أبَوَيْه. لقدْ نطَقَ بما اختارَهُ سيبوَيه. فتشَعّبَتْ حينئذٍ آراءُ الجمْع. في تجويزِ النّصبِ والرّفعِ. فقالتْ فِرقَةٌ: رفْعُهُما هوَ الصّوابُ. وقالتْ طائِفةٌ: لا يجوزُ فيهِما إلا الانتِصابُ. واستَبْهَمَ على آخرينَ الجوابُ. واستعَرَ بينَهُمُ الاصطِخابُ. وذلِكَ الواغِلُ يُبْدي ابتِسامَ ذي معرِفةٍ. وإنْ لمْ يفُهْ ببِنْتِ شفَةٍ. حتى إذا سكنَتِ الزّماجِرُ. وصمتَ المزْجورُ والزّاجِرُ. قال: يا قومُ أنا أُنَبّئُكُمْ بتأويلِهِ. وأميّزُ صَحيحَ القوْلِ منْ عَليلِهِ. إنهُ لَيَجوزُ رفْعُ الوصْلَينِ ونصْبُهُما. والمُغايَرَةُ في الإعرابِ بينَهُما. وذلِكَ بحسَبِ اختِلافِ الإضْمارِ. وتقْديرِ المحْذوفِ في هَذا المِضْمارِ. قال: ففَرَطَ منَ الجَماعةِ إفْراطٌ في مُماراتِهِ. وانخِراطٌ الى مُباراتِهِ. فقال: أما إذا دعوْتُمْ نَزالِ. وتلبّبْتُمْ للنّضالِ. فما كلِمَةٌ هيَ إنْ شِئْتُمْ حرْفٌ محْبوبٌ. أوِ اسمٌ لِما فيهِ حرْفٌ حَلوبٌ? وأي اسمٍ يترَدّدُ بينَ فرْدٍ حازِمٍ. وجمْعٍ مُلازِمٍ? وأيّةُ هاءٍ إذا التحقَتْ أماطَتِ الثِّقَلَ. وأطلَقَتِ المُعتقَلَ? وأينَ تدخُلُ السينُ فتعزِلُ العامِلَ. منْ غيرِ أن تُجامِلَ? وما منْصوبٌ أبَداً على الظّرْفِ. لا يخْفِضُهُ سوى حرْفٌ? وأيّ مُضافٍ أخَلّ منْ عُرَى الإضافَةِ بعُرْوَةٍ. واختلَفَ حُكمُهُ بينَ مساءٍ وغُدوَةٍ? وما العامِلُ الذي يتّصلُ آخِرُهُ بأوّلِهِ. ويعمَلُ معكوسُهُ مثلَ عمَلِه? وأيّ عمَلٍ نائِبُهُ أرْحَبُ منهُ وَكْراً. وأعظَمُ مَكْراً. وأكثَرُ للهِ تَعالى ذِكْراً? وفي أيّ موطِنٍ تلبَسُ الذُّكْرانُ. براقِعَ النّسوانِ. وتبرُزُ ربّاتُ الحِجالِ. بعَمائِمِ الرّجالِ? وأينَ يجِبُ حِفظُ المَراتِبِ. على المضْروبِ والضّارِبِ? وما اسمٌ لا يُعرَفُ إلا باستِضافَةِ كلِمتَينِ. أوِ الاقتِصارِ منه على حرْفَينِ. وفي وَضْعِهِ الأوّلِ التِزامٌ. وفي الثّاني إلْزامٌ? وما وصْفٌ إذا أُردِفَ بالنّونِ. نقَصَ صاحِبُهُ في العُيونِ. وقُوّمَ بالدّونِ. وخرَجَ منَ الزَّبونِ. وتعرّضَ للهُونِ? فهَذِهِ ثِنْتا عشْرَةَ مسألةً وفْقَ عدَدِكُمْ. وزِنَةَ لَدَدِكُمْ. ولو زِدْتُمْ زِدْنا. وإنْ عُدْتُمْ عُدْنا. قال المُخبرُ بهذِهِ الحِكايةِ: فورَدَ عليْنا من أحاجِيهِ اللاّتي هالَتْ. لمّا انْهالَتْ. ما حارَتْ لهُ الأفكارُ وحالَتْ. فلمّا أعجزَنا العَوْمُ في بحرِهِ. واستسْلَمَتْ تَمائِمُنا لسِحْرِهِ. عدَلْنا منِ استِثْقالِ الرّؤيَةِ لهُ الى استِنْزالِ الرّوايَةِ عنهُ. ومِنْ بَغْيِ التّبرّمِ بهِ الى ابتِغاء التعلّمِ منهُ. فقال: والذي نزّلَ النّحْوَ في الكَلامِ. منزِلَةَ المِلْحِ في الطّعامِ. وحجَبَهُ عن بصائِرِ الطّغامِ. لا أنَلْتُكُمْ مَراماً. ولا شفيْتُ لكُمْ غَراماً. أو تُخوّلَني كلُّ يدٍ. ويخْتَصّني كلٌ منكُم بيَدٍ. فلمْ يبْقَ في الجماعةِ إلا منْ أذْعَنَ لحُكمِهِ. ونبَذَ إلَيْهِ خُبْأةَ كُمّهِ. فلمّا حصلَتْ تحتَ وِكائِهِ. أضرَمَ شُعلَةَ ذكائِهِ. فكشَفَ حينئذٍ عن أسْرارِ ألْغازِهِ. وبدائِعِ إعْجازِهِ. ما جَلا بهِ صدأ الأذْهانِ. وجلّى مطْلَعَهُ بنورِ البُرْهانِ. قال الرّاوي: فهِمْنا. حينَ فهِمْنا. وعجِبْنا. إذْ أُجِبْنا. وندِمْنا. على ما ندّ مِنّا. وأخذْنا نعتَذِرُ إليهِ اعتِذارَ الأكْياسِ. ونعْرِضُ عليهِ ارتِضاعَ الكاسِ. فقالَ: مأرَبٌ لا حَفاوةٌ. ومشْرَبٌ لمْ يبْقَ لهُ عندي حَلاوَةٌ. فأطَلْنا مُراودَتَهُ. ووالَيْنا مُعاوَدَتَهُ. فشمخَ بأنفِهِ صَلَفاً. ونأى بجانِبِه أنَفاً. وأنشدَ:
نَهاني الشيْبُ عمّا فـيهِ أفْـراحـي *** فكيفَ أجمَعُ بين الـرّاحِ والـرّاحِ
وهل يجوزُ اصطِباحي من مُعتّـقةٍ *** وقد أنارَ مشيبُ الرّأسِ إصْباحـي
آلَيتُ لا خامرَتني الخمرُ ما علِقَـتْ *** روحي بجِسْمي وألفاظي بإفْصاحي
ولا اكتسَتْ لي بكاساتِ السُلافِ يدٌ *** ولا أجَلتُ قِداحـي بـين أقْـداحِ
ولا صرَفْتُ الى صِرْفٍ مُشَعشَـعةٍ *** همّي ولا رُحتُ مُرْتاحاً الى راحِ
ولا نظَمْتُ علـى مـشـمـولَةٍ أبـداً *** شملي ولا اخترْتُ نَدماناً سوى الصّاحي
مَحا المشيبُ مِراحي حينَ خطّ عـلـى *** رأسي فأبغِضْ به من كـاتِـبٍ مـاحِ
ولاحَ يلْحَى على جرّي العِـنـانَ الـى *** ملْهًى فسُـحْـقـاً لـهُ مـن لائِحٍ لاحِ
ولوْ لهَوْتُ وفَـوْدِي شـائِبٌ لـخَـبـا *** بينَ المصابيحِ من غسّانَ مِصْبـاحـي
قومٌ سَجاياهُـمُ تـوْقـيرُ ضَـيْفِـهِـمِ *** والشّيبُ ضيفٌ له التّوْقـيرُ يا صـاحِ
ثمّ إنّه انْسابَ انسيابَ الأيْمِ. وأجْفلَ إجْفالَ الغيْمِ. فعلِمْتُ أنهُ سِراجُ سَروجَ. وبدْرُ الأدبِ الذي يجْتابُ البُروجَ. وكان قُصارانا التّحرُّقَ لبُعدِهِ. والتّفرُّقَ منْ بعدِهِ.
تفسير ما أودع هذه المقامة
من النكت العربية والأحاجي النحوية
أما الكلمة التي هي حرف محبوب أو اسم لما فيه حرف حلوب: فهي نعم إن أردت بها تصديق الأخبار أو العدة عند السؤال فهي حرف، وإن عنيت بها الإبل فهي اسم، والنعم تذكر وتؤنث وتطلق على الإبل وعلى كل ماشية فيها إبل، وفي الإبل الحرف وهي النّاقة الضامة، سميت حرفاً تشبيهاً لها بحرف السيف، وقيل إنه الضخمة تشبيهاً لها بحرف الجبل.
وأما الاسم المردد بين فرد حازم وجمع ملازم: فهي سراويل، قال بعضهم: هو واحد وجمعه سراويلات، فعلى هذا القول هو فرد. وكنى عن ضمه الخصر بأنه حازم. وقال آخرون: بل هو جمع واحده سروال مثل شملال وشماليل وسربال وسرابيل، فهو على هذا القول جمع. ومعنى قوله ملازم أي لا ينصرف، وإنّم لم ينصرف هذا النوع من الجمع وهو كل جمع ثالثه ألف وبعدها حرف مشدد أو حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن لثقله وتفرده دون غيره من الجموع بأن لا نظير له في الأسماء الآحاد. وقد كنى في هذه الأحجية عما لا ينصرف بالملازم كما كنى في التي قبلها عما ينصرف باللازم.
وأما الهاء التي إذا التحقت أماطت الثقل وأطلقت المعتقل: هي الهاء اللاحقة بالجمع المقدم ذكره كقولك: صيارفة وصياقلة، فينصرف هذا الجمع عند التحاق الهاء بها لأنها قد أصارته الى أمثال الآحاد نحو رفاهية وكراهية، فخف بهذا السبب وصرف لهذه العلة. وقد كنى في هذه الأحجية عما لا ينصرف بالمعتقل كما كنى في التي قبلها عما لا ينصرف بالملازم.
وأما السين التي تعزل العامل من غير أن تجامل: فهي التي تدخل على الفعل المستقبل وتفصل بينه وبين أن التي كانت قبل دخولها من أدوات النصب فيرتفع حينئذ الفعل وتنتقل أن عن كونها الناصبة للفعل الى أن تصير المخففة من الثقيلة، وذلك كقوله تعالى: علم أن سيكون منكم مرضى، وتقديره: علم أنه سيكون.
وأما المنصوب على الظرف الذي لا يخفضه سوى حرف: فهو عند إذ لا يجره غير من خاصة، وقول العامة ذهبت الى عنده لحن.
وأما المضاف الذي أخل من عرى الإضافة بعروة واختلف حكمه بين مساء وغدوة: فهو لدن، ولدن من الأسماء الملازمة للإضافة وكل ما يأتي بعدها مجرور به إلا غدوة فإن العرب نصبتها بلدن لكثرة استعمالهم إياها في الكلام ثم نوّنتها أيضاً ليتبين بذلك أنها منصوبة لا أنها من نوع المجرورات التي لا تنصرف. وعند بعض النحويين أن لدن بمعنى عند، والصحيح أن بينهما فرقاً لطيفاً وهو أن عند يشتمل معناها على ما هو في ملكك ومكنتك مما دنا منك وبعد عنك، ولدن يختص معناها بما حضرك وقرب منك.
وأما العامل الذي يتصل آخره بأوله ويعمل معكوسه مثل عمله: فهو يا، ومعكوسه أي، وكلتاهما من حروف النداء وعملهم في الاسم المنادى سيان وإن كانت يا أجول في الكلام وأكثر في الاستعمال، وقد اختار بعضهم أن ينادى بأي القريب فقط كالهمزة.
وأما العامل الذي نائبه أرحب منه وكراً وأعظم مكراً وأكثر لله تعالى ذكراً: فهو باء القسم، وهذه الباء هي أصل حروف القسم بدلالة استعمالها مع ظهور فعل القسم في قولك: أقسم بالله، ولدخولها أيضاً على المضمر كقولك: بك لأفعلن، وإنما أبدلت الواو منها في القسم لأنهما جميعاً من حروف الشفة ثم لتقارب معنييهم لأن الواو تفيد الجمع والباء تفيد الإلصاق وكلاهما متفق والمعنيان متقاربان، ثم صارت الواو المبدلة من الباء أدور في الكلام وأعلق بالأقسام ولهذا ألغز بأنه أكثر لله تعالى ذكراً. ثم إن الواو أكثر موطناً من الباء لأن الباء لا تدخل إلا على الاسم ولا تعمل غير الجر، والواو تدخل على الاسم والفعل والحرف وتجر تارة بالقسم وتارة بإضمار رب وتنتظم أيضاً مع نواصب الفعل وأدوات العطف فلهذا وصفها برحب الوكر وعظم المكر.
وأما الموطن الذي يلبس فيه الذكران براقع النسوان وتبرز فيه ربات الحجال بعمائم الرجال: فهو أول مراتب العدد المضاف وذلك ما بين الثلاثة الى العشرة فإنه يكون مع المذكر بالهاء ومع المؤنث بحذفها، كقوله تعالى: سخره عليهم سبع ليال وثمانية أيام، والهاء في هذا الموطن من خصائص المؤنث كقولك: قائم وقائمة وعالم وعالمة، فقد رأيت كيف انعكس في هذا الموطن حكم المذكر والمؤنث حتى انقلب كل منهما في ضد قالبه وبرز في بزة صاحبه.
وأما الموضع الذي يجب فيه حفظ المراتب على المضروب والضارب: فهو حيث يشتبه الفاعل بالمفعول لتعذر ظهور علامة الإعراب فيهما أو في أحدهما، وذلك إذا كانا مقصورين مثل موسى وعيسى، أو من أسماء الإشرة نحو ذاك وهذا، فيجب حينئذ لإزالة اللبس إقرار كل منهما في رتبته ليعرف الفاعل منهما بتقدمه والمفعول بتأخره.
وأما الاسم الذي لا يفهم إلا باستضافة كلمتين أو الاقتصار منه على حرفين: فهو مهما، وفيها قولان: أحدهما أنها مركبة من مه التي هي بمعنى اكفف ومن ما، والقول الثاني، وهو الصّحيح، إن الأصل فيها م فزيدت عليها ما أخرى كما تزاد على أن، فصار لفظها ما ما فثقل عليهم توالي كلمتين بلفظ واحد فأبدلوا من ألف ما الأولى هاء فصارتا مهما. ومهما من أدوات الشرط والجزاء ومتى لفظت بها لم يتم الكلام ولا عقل المعنى إلا بإيراد كلمتين بعدها كقولك: مهما تفعل افعل، وتكون حينئذ ملتزماً للفعل. وإن اقتصرت منها على حرفين وهما مه التي بمعنى اكفف فهم المعنى وكنت ملزماً من خاطبته أن يكف.
وأما الوصف الذي إذا أردف بالنون نقص صاحبه في العيون وقوم بالدون وخرج من الزبون وتعرض للهون: فهو ضيف إذا لحقته النون استحال الى ضيفن، وهو الذي يتبع الضيف، وينزل في النقد منزلة الزيف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
khaled1212
عضو ماسي
عضو ماسي
khaled1212


ذكر
عدد الرسائل : 2380
السٌّمعَة : 1
نقاط : 60
تاريخ التسجيل : 05/10/2007

المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية   المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية I_icon_minitimeالأربعاء يناير 16, 2008 9:21 am

المقامة الكَرَجيّة
حكَى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: شتَوْتُ بالكَرَجِ لدَينٍ أقتَضيهِ. وأرَبٍ أقْضيهِ. فبلَوْتُ منْ شِتائِها الكالِحِ. وصِرّها النّافِحِ. ما عرّفَني جَهْدَ البَلاء. وعكَفَ بي على الاصْطِلاء. فلمْ أكُنْ أُزايلُ وِجاري. ولا مُستَوْقَدَ ناري. إلا لضَرورَةٍ أُدفَعُ إليْها. أو إقامةِ جماعةٍ أحافِظُ عليه. فاضطُررْتُ في يومٍ جَوُّهُ مُزْمَهِرٌّ. ودَجْنُهُ مكفَهِرٌّ. الى أن برَزْتُ منْ كِناني. لمُهِمٍّ عَناني. فإذا شيخٌ عاري الجِلدَةِ. بادي الجُردَةِ. وقدِ اعتَمّ برَيْطَةٍ. واستَثْفَر بفُوَيطَةٍ. وحوالَيهِ جمْعٌ كَثيفُ الحواشي. وهو يُنشِدُ ولا يُحاشي:
يا قومِ لا يُنبِئكُـمُ عـن فَـقـري *** أصْدَقُ من عُرْيي أوانَ الـقُـرِّ
فاعتَبِروا بِما بَـدا مـنْ ضُـرّي *** باطِنَ حالي وخَـفِـيَّ أمْـري
وحاذِروا انقِلابَ سِلْـمِ الـدهْـرِ *** فإنني كُنـتُ نَـبـيهَ الـقـدْرِ
آوي الـى وَفْـرٍ وحـدٍّ يَفْـري *** تُفيدُ صُفري وتُبـيدُ سُـمْـري
وتشتَكي كُومـي غَـداةَ أقْـري *** فجرّدَ الدّهرُ سُـيوفَ الـغـدْرِ
وشَنّ غاراتِ الرّزايا الـغُـبْـرِ *** ولمْ يزَلْ يسْحَـتُـنـي ويَبْـري
حتى عفَتْ داري وغـاضَ دَرّي *** وبارَ سِعْري في الوَرى وشِعْري
وصِرْتُ نِضْوَ فـاقَةٍ وعُـسْـرِ *** عاري المَطا مجرَّداً من قِشْري
كأنّني المِغزَلُ في الـتّـعـرّي *** لا دِفْءَ لي في الصِّنّ والصِّنَّبْرِ
غيرُ التّضحّي واصْطِلاءِ الجمْرِ *** فهلْ خِضَمٌ ذو رِداءٍ غَـمْـرِ
يستُرُني بمُطرَفٍ أو طِـمْـرِ *** طِلابَ وجهِ اللهِ لا لشُـكْـري
ثم قال: يا أرْبابَ الثّراء. الرّافِلينَ في الفِراء. مَنْ أوتيَ خيراً فليُنْفِقْ. ومنِ استَطاعَ أن يُرفِقْ فليُرْفِقْ. فإنّ الدُنْيا غَدورٌ. والدهرَ عَثورٌ. والمُكنَةَ زَورَةُ طيْفٍ. والفُرصَةُ مُزنَةُ صيفٍ. وإني واللهِ لَطالَما تلقّيتُ الشّتاءَ بكافاتِهِ. وأعدَدْتُ الأُهَبَ لهُ قبل مُوافاتِهِ. وها أنا اليومَ يا سادَتي. ساعِدي وِسادَتي. وجِلْدَتي بُرْدَتي. وحَفْنَتي جَفنَتي. فليَعتَبِرِ العاقِلُ بحالي. ولْيُبادِرْ صرْفَ اللّيالي. فإنّ السّعيدَ منِ التّعظَ بسِواهُ. واستَعدّ لمسْراهُ. فقيلَ لهُ: قد جلَوْتَ علَينا أدبَكَ. فاجْلُ لنا نسبَكَ. فقال: تبّاً لمُفتَخِرٍ. بعَظْمٍ نخِرٍ! إنّما الفخْرُ بالتُّقى. والأدَبِ المُنتَقى. ثم أنشدَ:
لعَمرُكَ ما الإنسانُ إلا ابنُ يومِه *** على ما تجلّى يومُهُ لا ابنُ أمسِهِ
وما الفخرُ بالعظْمِ الرّميمِ وإنّمـا *** فَخارُ الذي يبغي الفخارَ بنفسِـهِ
ثمّ إنّهُ جلسَ مُحقَوقِفاً. واجْرَنثَمَ مُقَفقِفاً. وقال: اللهُمّ يا مَنْ غمرَ بنوالِهِ. وأمرَ بسؤالِهِ. صلِّ على محمدٍ وآلهِ. وأعِنّي على البَرْدِ وأهْوالِهِ. وأتِحْ لي حُرّاً يؤثِرُ منْ خَصاصَةٍ. ويؤاسي ولوْ بقُصاصَةٍ. قال الراوي: فلمّا جلّى عنِ النّفْسِ العِصاميّةِ. والمُلَحِ الأصمعيّةِ. جعلَتْ ملامِحُ عيني تَعجُمُهُ. ومَرامي لحْظي تَرجُمُه. حتى استَبَنْتُ أنهُ أبو زيدٍ. وأنّ تعرّيَهُ أُحبولَةُ صيدٍ. ولمحَ هوَ أنّ عِرْفاني قد أدْركَهُ. ولمْ يأمَنْ أنْ يهتِكَهُ. فقال: أُقسِمُ بالسَّمَرِ والقمَرِ. والزُّهْرِ والزَّهَرِ. إنهُ لنْ يستُرَني إلا مَنْ طابَ خِيمُهُ. وأُشرِبَ ماءَ المُروءةِ أديمُهُ. فعقَلْتُ ما عَناهُ. وإنْ لم يدْرِ القومُ معْناهُ. وساءني ما يُعانِيهِ منَ الرِّعدَةِ. واقشِعْرارِ الجِلْدَةِ. فعمَدْتُ لفَرْوةٍ هيَ بالنّهارِ رِياشي. وفي الليلِ فِراشي. فنضَوتُها عني. وقلتُ له: اقْبَلْها مني. فما كذّبَ أنِ افْتَراها. وعيني تَراها. ثم أنشدَ:
للهِ من ألبَـسَـنـي فَـروةً *** أضحتْ من الرِّعدَةِ لي جُنّهْ
ألبَسنِيها واقِياً مُـهـجَـتـي *** وُقّيَ شرَّ الإنْسِ والجِـنّـهْ
سيَكتَسي اليومَ ثَنـائي وفـي *** غدٍ سيُكسى سُندُسَ الجَنّـهْ
قال: فلمّا فتَن قُلوبَ الجَماعَةِ. بافتِنانِهِ في البَراعَةِ. ألقَوْا عليْهِ منَ الفِراء المُغشّاةِ. والجِبابِ المُوشّاةِ. ما آدَهُ ثقَلُهُ. ولم يكَدْ يُقلّهُ. فانطلقَ مُستَبشِراً بالفَرجِ. مُستَسقِياً للكَرَجِ. وتبعْتُهُ الى حيثُ ارتفَعَتِ التّقيّةُ. وبدَتِ السّماءُ نقيّةً. فقلتُ له: لَشَدّ ما قرّسَكَ البرْدُ. فلا تتعرّ منْ بعْدُ! فقال: ويْكَ ليسَ منَ العدْلِ. سُرعةُ العذْلِ! فلا تعْجَلْ بلَوْمٍ هوَ ظُلْمٌ. ولا تقْفُ ما ليْسَ لكَ بهِ عِلمٌ. فوَالّذي نوّرَ الشّيبَةَ. وطيّبَ تُربَةَ طَيْبَةَ. لو لمْ أتَعرّ لرُحْتُ بالخَيبَةِ. وصفَرِ العَيبَةِ. ثمّ نزَعَ الى الفِرارِ. وتبرقَعَ بالاكْفِهْرارِ. وقال: أمَا تعْلَمُ أنّ شِنْشِنتيَ الانتِقالُ منْ صَيدٍ الى صيْدٍ. والانعِطافُ منْ عمْرٍو الى زيدٍ? وأراكَ قد عُقتَني وعقَقْتَني. وأفَتّني أضْعافَ ما أفدْتَني. فأعْفِني عافاكَ الله منْ لغوِكَ. واسْدُدْ دوني بابَ جِدّكَ ولهْوِكَ. فجبذتُهُ جبْذَ التِّلْعابَةِ. وجعْجَعْتُ به للدُعابَةِ. وقلتُ له: واللهِ لوْ لمْ أُوارِكَ. وأُغَطِّ على عَوارِكَ. لمَما وصلْتَ الى صِلةٍ. ولا انقلَبْتَ أكْسى منْ بصَلَةٍ. فجازِني عنْ إحساني إليْكَ. وسَتري لكَ وعلَيْكَ. بإن تسمَحَ لي بردّ الفَروَةِ. أو تُعرّفَني كافاتِ الشّتوَةِ. فنظرَ إليّ نظَرَ المتعجّبِ. وازْمهَرّ ازمِهْرارَ المتغَضّبِ. ثمّ قال: أمّا رَدّ الفَروةِ فأبْعَدُ منْ ردّ أمسِ الدّابِرِ. والمَيْتِ الغابِرِ. وأما كافاتُ الشّتْوةِ فسُبحانَ مَنْ طبَع على ذِهنِكَ. وأوْهى وِعاءَ خَزْنِكَ. حتى أُنسيتَ ما أنشدْتُكَ بالدَّسْكَرةِ. لابنِ سُكّرَةَ:
جاء الشتاءُ وعِندي منْ حوائِجِـه *** سبْعٌ إذا القطْرُ عن حاجاتِنا حبَسا
كِنٌّ وكِيسٌ وكانونٌ وكاسُ طِـلاً *** بعْدَ الكَبابِ وكفٌ ناعمٌ وكِـسـا
ثم قال: لَجوابٌ يَشفي. خيرٌ من جِلبابٍ يُدْفي. فاكْتَفِ بما وعَيْتَ وانْكَفي. ففارَقْتُهُ وقدْ ذهبَتْ فَروَتي لشِقْوَتي. وحصلْتُ على الرِّعدَةِ طولَ شَتْوَتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سيارات الشباب
مشرف
مشرف
سيارات الشباب


ذكر
عدد الرسائل : 1770
العمر : 25
الاوسمة : المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية Wesaam12
السٌّمعَة : 0
نقاط : 41
تاريخ التسجيل : 09/10/2007

المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية   المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية I_icon_minitimeالإثنين أبريل 14, 2008 11:58 am

شكرا على المشاركة
الجميلة والرائعة

تحياتي

سيارات الشباب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thaqafa.yoo7.com
ابو حسين
مشرف
مشرف
ابو حسين


عدد الرسائل : 2613
الاوسمة : المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية Mosamem
السٌّمعَة : 0
نقاط : 9
تاريخ التسجيل : 09/10/2007

المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية   المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية I_icon_minitimeالإثنين يوليو 07, 2008 1:58 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراعلى الموضيع الجديدة والرائعة

مع تحيات

ابو حسين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المقامة 41-42-43 الصعدية - المروية - العمانية
» المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة
» المقامة السادسة والسابعة - المَراغيّة - البَرْقَعيديّة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الادبي :: لغتنا العربية-
انتقل الى: