هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالقرآن الكريم البوابةأحدث الصورالتسجيلالتحميل شات ثقافة دخول

 

 المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
khaled1212
عضو ماسي
عضو ماسي
khaled1212


ذكر
عدد الرسائل : 2380
السٌّمعَة : 1
نقاط : 60
تاريخ التسجيل : 05/10/2007

المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة Empty
مُساهمةموضوع: المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة   المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة I_icon_minitimeالأربعاء يناير 16, 2008 4:33 pm

المقامة التبريزيّة

أخبرَ الحارثُ بنُ همّامٍ قال: أزْمَعْتُ التّبريزَ منْ تبريزَ. حينَ نبَتْ بالذّليلِ والعَزيزِ. وخلَتْ من المُجيرِ والمُجيزِ. فبَيْنا أنا في إعدادِ الأُهبَةِ. وارْتِيادِ الصُحْبَةِ. ألْفَيتُ بها أبا زيدٍ السَّروجيَّ مُلتَفّاً بكِساءٍ. ومُحْتَفّاً بنِساءٍ. فسألْتُهُ عنْ خطْبِهِ. وإلى أينَ يسْرُبُ مع سِرْبِهِ? فأوْمأ الى امرأةٍ منهُنّ باهِرَةِ السّفورِ. ظاهِرَةِ النّفورِ. وقال: تزوّجْتُ هذهِ لتؤنِسَني في الغُربَةِ. وترْحَضَ عني قشَفَ العُزْبَةِ. فلَقيتُ منها عرَقَ القِرْبَةِ. تمْطُلُني بحقّي. وتكلّفُني فوْقَ طوْقي. فأنا منها نِضْوُ وَجَى. وحِلْفُ شجْوٍ وشجَى. وها نحْنُ قد تساعَيْنا الى الحاكِمِ. ليَضْرِبَ على يدِ الظّالِمِ. فإنِ انتظَمَ بيْنَنا الوِفاقُ. وإلا فالطّلاقُ والانطِلاقُ. قال: فمِلْتُ الى أن أخْبُرَ لمَنِ الغلَبُ. وكيفَ يكونُ المُنقلَبُ. فجعلْتُ شُغْلي دَبْرَ أُذْني. وصحِبتُهُما وإنْ كنتُ لا أُغْني. فلمّا حضَرَ القاضي وكان ممّن يرَى فضْلَ الإمْساكِ. ويضَنُّ بنُفاثَةِ السّواكِ. جَثا أبو زيدٍ بينَ يدَيْهِ. وقال: أيّدَ اللهُ القاضيَ وأحسَنَ إليْهِ. إنّ مطيّتي هذهِ أبيّةُ القِيادِ. كثيرَةُ الشِّرادِ. معَ أني أطْوَعُ لها منْ بَنانِها. وأحْنى عليْها منْ جَنانِها. فقالَ لها القاضي: ويْحَكِ! أما علِمْتِ أنّ النُّشوزَ يُغضِبُ الرّبّ. ويوجِبُ الضّرْبَ? فقالتْ: إنّهُ ممّن يدورُ خلْفَ الدارِ. ويأخُذُ الجارَ بالجارِ. فقال لهُ القاضي: تباً لكَ! أتَبْذُرُ في السِّباخِ. وتستَفرِخُ حيثُ لا إفْراخَ? اعْزُبْ عني لا نَعِمَ عوفُكَ. ولا أمِنَ خوفُكَ! فقالَ أبو زيدٍ: إنها ومُرسِلِ الرّياحِ. لأكْذَبُ منْ سَجاحِ! فقالتْ: بل هوَ ومَنْ طوّقَ الحَمامَةَ. وجنّحَ النّعامَةَ. لأكْذَبُ من أبي ثُمامَةَ. حينَ مَخْرَقَ باليَمامَةِ. فزفَرَ أبو زيدٍ زَفيرَ الشُّواظِ. واسْتَشاطَ استِشاطَةَ المُغْتاظِ. وقال لها: ويْلَكِ يا دَفارِ يا فَجارِ. يا غُصّةَ البعْلِ والجارِ! أتَعْمِدينَ في الخَلوَةِ لتَعْذيبي. وتُبدينَ في الحَفلَةِ تكْذيبي? وقد علِمْتِ أني حينَ بنَيتُ عليْكِ. ورنَوْتُ إليْكِ. ألفَيتُكِ أقْبَحَ من قِرْدَةٍ. وأيْبَسَ منْ قِدّةٍ. وأخشَنَ من لِيفَةٍ. وأنْتَنَ منْ جيفَةٍ. وأثقَلَ منْ هَيضَةٍ. وأقذَرَ منْ حيضَةٍ. وأبرَزَ من قِشرَةٍ. وأبْرَدَ من قِرّةٍ. وأحمَقَ من رِجلَةٍ. وأوسَعَ منْ دِجلَةَ! فستَرْتُ عَوارَكِ. ولمْ أُبْدِ عارَكِ. على أنهُ لوْ حبَتْكِ شيرينُ بجَمالِها. وزُبَيدَةُ بمالِها. وبِلْقيسُ بعَرْشِها. وبُورانُ بفَرْشِها. والزّبّاء بمُلْكِها. ورابِعَةُ بنُسكِها. وخِندِفُ بفَخْرِها. والخنْساءُ بشِعْرِها في صخرِها. لأنِفْتُ أن تكوني قَعيدَةَ رَحْلي. وطَروقَةَ فحْلي! قال: فتذمّرَتِ المرأةُ وتنمّرَتْ. وحسَرَتْ عنْ ساعِدِها وشمّرَتْ. وقالتْ لهُ: يا ألأمَ منْ مادِرٍ. وأشْأمَ منْ قاشِرٍ. وأجْبَنَ منْ صافِرٍ. وأطْيَشَ منْ طامِرٍ! أتَرْميني بشَنارِكَ. وتَفْري عِرْضي بشِفارِكَ? وأنتَ تعْلَمُ أنكَ أحقَرُ منْ قُلامَةٍ. وأعْيَبُ منْ بَغْلةِ أبي دُلامَةَ. وأفضَحُ منْ حَبْقَةٍ. في حلْقَةٍ. وأحْيَرُ منْ بَقّةٍ. في حُقّةٍ! وهَبْكَ الحَسَنَ في وعْظِهِ ولفْظِهِ. والشّعْبيَّ في عِلْمِهِ وحِفْظِهِ. والخَليلَ في عَروضِهِ ونحوِهِ. وجَريراً في غزَلِهِ وهجْوِهِ. وقُسّاً في فَصاحَتِهِ وخِطابَتِهِ. وعبْدَ الحَميدِ في بَلاغَتِهِ وكِتابَتِهِ. وأبا عَمْرٍو في قِراءتِهِ وإعْرابِهِ. وابنَ قُرَيبٍ في رِوايَتِهِ عنْ أعْرابِهِ. أتظُنّني أرْضاكَ إماماً لمِحْرابي. وحُساماً لقِرابي? لا واللهِ ولا بَوّاباً لِبابي. ولا عَصاً لجِرابي! فقالَ لهُما القاضي: أراكُما شَنّاً وطَبقةَ. وحِدَأةً وبُندُقَةً. فاتْرُكْ أيّها الرّجُلُ اللَّدَدَ. واسْلُكْ في سيْرِكَ الجَدَدَ. وأمّا أنْتِ فكُفّي عنْ سِبابِهِ. وقِرّي إذا أتى البَيتَ منْ بابِهِ. فقالَتِ المرأةُ: واللهِ ما أسْجُنُ عنهُ لِساني. إلا إذا كَساني. ولا أرْفَعُ لهُ شِراعي. دونَ إشْباعي. فحلَفَ أبو زيْدٍ بالمُحَرِّجاتِ الثّلاثِ. أنهُ لا يملِكُ سوى أطْمارِهِ الرِّثاثِ. فنظَرَ القاضي في قَصَصِهِما نظَرَ الألمَعيّ. وأفْكَرَ فِكرَةَ اللّوذَعيّ. ثمّ أقبلَ
عليْهِما بوجْهٍ قد قطّبَهُ. ومِجَنٍّ قد قلَبَهُ. وقال: ألَمْ يكْفِكُما التّسافُهُ في مجلِسِ الحُكْمِ. والإقْدامُ على هذا الجُرْمِ. حتى تَراقَيتُما منْ فُحْشِ المُقاذَعَةِ. الى خُبْثِ المُخادَعَةِ? وايْمُ اللهِ لقدْ أخطأتِ استُكُما الحُفْرَةَ. ولمْ يُصِبْ سَهْمُكُما الثُّغْرَةَ. فإنّ أميرَ المؤمِنينَ. أعَزّ اللهُ ببقائِهِ الدّينَ. نصَبَني لأقْضيَ بينَ الخُصَماء. لا لأقضيَ دَينَ الغُرَماء. وحَقِّ نِعمَتِهِ التي أحلّتْني هذا المَحَلّ. وملّكَتْني العَقْدَ والحَلّ. لَئِنْ لمْ تُوضِحا لي جليّةَ خَطْبِكُما. وخَبيئَةَ خِبّكُما. لأُنَدّدَنّ بكُما في الأمصارِ. ولأجْعلَنّكُما عِبرَةً لأولي الأبصارِ! فأطْرَقَ أبو زيدٍ إطْراقَ الشُجاعِ. ثمّ قالَ لهُ: سَماعِ سَماعِ:هِما بوجْهٍ قد قطّبَهُ. ومِجَنٍّ قد قلَبَهُ. وقال: ألَمْ يكْفِكُما التّسافُهُ في مجلِسِ الحُكْمِ. والإقْدامُ على هذا الجُرْمِ. حتى تَراقَيتُما منْ فُحْشِ المُقاذَعَةِ. الى خُبْثِ المُخادَعَةِ? وايْمُ اللهِ لقدْ أخطأتِ استُكُما الحُفْرَةَ. ولمْ يُصِبْ سَهْمُكُما الثُّغْرَةَ. فإنّ أميرَ المؤمِنينَ. أعَزّ اللهُ ببقائِهِ الدّينَ. نصَبَني لأقْضيَ بينَ الخُصَماء. لا لأقضيَ دَينَ الغُرَماء. وحَقِّ نِعمَتِهِ التي أحلّتْني هذا المَحَلّ. وملّكَتْني العَقْدَ والحَلّ. لَئِنْ لمْ تُوضِحا لي جليّةَ خَطْبِكُما. وخَبيئَةَ خِبّكُما. لأُنَدّدَنّ بكُما في الأمصارِ. ولأجْعلَنّكُما عِبرَةً لأولي الأبصارِ! فأطْرَقَ أبو زيدٍ إطْراقَ الشُجاعِ. ثمّ قالَ لهُ: سَماعِ سَماعِ:
أنا السَّروجيّ وهَـذي عِـرْسـي *** وليسَ كُفْؤُ البدْرِ غيرَ الشّـمـسِ
وما تَنافى أُنـسُـهـا وأُنـسـي *** ولا تَناءى ديرُها عـنْ قَـسّـي
ولا عدَتْ سُقْيايَ أرْضَ غَرْسـي *** لكِنّـنـا مـنـذُ لَـيالٍ خـمْـسِ
نُصبحُ في ثوبِ الطّوى ونُمْسـي *** لا نعرِفُ المَضْغَ ولا التّحَـسّـي
حتى كأنّا لخُـفـوتِ الـنّـفْـسِ *** أشْباحُ مَوْتى نُشِروا منْ رَمْـسِ
فحينَ عزّ الصّبـرُ والـتـأسّـي *** وشَفّنا الضُـرُّ الألـيمُ الـمَـسّ
قُمْنا لسَعْدِ الجَدّ أو لـلـنّـحْـسِ *** هذا المَقامَ لاجـتِـلابِ فَـلْـسِ
والفَقْرُ يُلْحي الحُرَّ حـينَ يُرْسـي *** الى التّحَلّي في لِباسِ الـلَّـبْـسِ
فهـذِهِ حـالـي وهَـذا دَرْسـي *** فانظُرْ الى يوْمي وسَلْ عن أمسي
وأمُرْ بجَبري إنْ تَشا أو حبْـسـي *** ففي يدَيْكَ صحّتـي ونُـكْـسـي
فقالَ لهُ القاضي: ليَثُبْ أُنسُكَ. ولْتَطِبْ نفسُكَ. فقد حقّ لكَ أن تُغفَرَ خَطيّتُكَ. وتُوَفَّرَ عطيّتُكَ. فثارَتِ الزّوجَةُ عندَ ذلِك واستَطالَتْ. وأشارَتْ الى الحاضِرينَ وقالتْ:
يا أهلَ تبريزَ لكُمْ حاكِـمٌ *** أوْفى على الحُكّامِ تبْريزا
ما فيهِ من عيْبٍ سوى أنهُ *** يومَ النّدى قِسمَتُهُ ضِيزَى
قصَدْتُهُ والشيخُ نبْغي جَنى *** عودٍ لهُ ما زال مهْزوزا
فسَرّحَ الشيخَ وقد نالَ منْ *** جَدْواهُ تخْصيصاً وتمْييزا
وردّني أخْيَبَ مـنْ شـائِمٍ *** بَرْقاً خَفا في شهْرِ تمّوزا
كأنّهُ لمْ يدْرِ أني الـتـي *** لقّنْتُ ذا الشّيخَ الأراجيزا
وأنّني إنْ شِئْتُ غادَرْتُـهُ *** أُضْحوكَةً في أهلِ تَبْريزا

قال: فلمّا رأى القاضي اجْتِراء جَنانِهِما. وانصِلاتَ لِسانِهِما. علِمَ أنهُ قد مُنيَ منهُما بالدّاء العَياء. والداهِيَةِ الدّهْياء. وأنهُ مَتى منَحَ أحدَ الزّوجينِ. وصرَفَ الآخرَ صَفْرَ اليَديْنِ. كان كمَنْ قضى الدّيْنَ بالدَّيْنِ. أو صلّى المغرِبَ ركْعتَينِ. فطَلْسَمَ وطرْسَمَ. واخْرَنْطَمَ وبرْطَمَ. وهمْهَمَ وغمْغَمَ. ثمّ التفَتَ يَمنَةً وشامةً. وتملْمَلَ كآبَةً ونَدامَةً. وأخذ يذُمّ القضاء ومَتاعِبَهُ. ويَعُدّ شوائِبَهُ ونَوائِبَهُ. ويفَنّدُ طالِبَهُ وخاطِبَهُ. ثمّ تنفّسَ كما يتنفّسُ الحَريبُ. وانتَحَبَ حتى كادَ يفضَحُهُ النّحيبُ. وقال: إنّ هذا لَشَيْءٌ عجيبٌ. أأُرْشَقُ في موقِفٍ بسَهْمَيْنِ. أأُلزَمُ في قَضيّةٍ بمَغْرَمَينِ. أأُطيقُ أنْ أُرضيَ الخصْمَينِ. ومنْ أينَ ومِنْ أينَ? ثمّ عطَفَ الى حاجِبِه. المُنفِذِ لمآرِبِهِ. وقال: ما هذا يومُ حُكْمٍ وقَضاءٍ. وفصْلٍ وإمْضاءٍ! هذا يومُ الاعتِمامِ. هذا يومُ الاغْتِرامِ. هذا يومُ البُحْرانِ. هذا يومُ الخُسْرانِ! هذا يومٌ عصيبٌ. هذا يومٌ نُصابُ فيهِ ولا نُصيبُ! فأرِحْني منْ هذَينِ المِهذارَيْنِ. واقطَعْ لسانَهُما بدينارَينِ. ثمّ فرّقِ الأصْحابَ. وأغلِقِ البابَ. وأشِعْ أنهُ يومٌ مذْمومٌ. وأنّ القاضيَ فيهِ مهْمومٌ. لئلاّ يحْضُرَني خُصومٌ! قال: فأمّنَ الحاجِبُ على دُعائِهِ. وتَباكى لبُكائِهِ. ثمّ نقَدَ أبا زيدٍ وعِرْسَهُ المِثقالَينِ. وقال: أشهَدُ أنّكُما لأحْيَلُ الثّقَلينِ. لكِنِ احْتَرِما مجالِسَ الحُكّامِ. واجتَنِبا فيها فُحشَ الكلامِ. فما كُلُّ قاضٍ قاضي تبريزَ. ولا كُلَّ وقتٍ تُسمَعُ الأراجيزُ. فقالا لهُ: مثلُك منْ حجَبَ. وشُكرُكَ قدْ وجَبَ. ونهَضا وقدْ حظِيا بدينارَينِ. وأصْلَيا قلْبَ القاضي نارَينِ.


عدل سابقا من قبل في الأربعاء يناير 16, 2008 5:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
khaled1212
عضو ماسي
عضو ماسي
khaled1212


ذكر
عدد الرسائل : 2380
السٌّمعَة : 1
نقاط : 60
تاريخ التسجيل : 05/10/2007

المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة   المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة I_icon_minitimeالأربعاء يناير 16, 2008 4:36 pm

المقامة التِّنِّيسيّة
حدّثَ الحارثُ بنُ همّامٍ قال: أطَعْتُ دَواعيَ التّصابي. في غُلَواء شَبابي. فلمْ أزَلْ زِيراً للغِيدِ. وأُذُناً للأغارِيدِ. الى أن وافَى النّذيرُ. وولّى العيشُ النّضيرُ. فقَرِمْتُ الى رُشْدِ الانتِباهِ. وندِمْتُ على ما فرّطْتُ في جنْبِ اللهِ. ثمّ أخذْتُ في كسْعِ الهَناتِ بالحَسَناتِ. وتلافي الهفَواتِ قبلَ الفَواتِ. فمِلْتُ عنْ مُغاداةِ الغاداتِ. الى مُلاقاةِ التُّقاةِ. وعنْ مُقاناةِ القَيْناتِ. الى مُداناةِ أهلِ الدّياناتِ. وآلَيتُ أن لا أصْحَبَ إلا مَنْ نزَعَ عنِ الغَيّ. وفاءَ منشَرُهُ الى الطّيّ. وإنْ ألْفَيْتُ منْ هوَ خَليعُ الرّسَنِ. مَديدُ الوسَنِ. أنْأيْتُ داري عن دارِهِ. وفرَرْتُ عنْ عَرّهِ وعارِهِ. فلمّا ألقَتني الغُربَةُ بتِنّيسَ. وأحَلّتني مسجِدَها الأنيسَ. رأيتُ بهِ ذا حَلقَةٍ مُلتَحمَةٍ. ونظّارَةٍ مُزدَحِمةٍ. وهوَ يقولُ بجأشٍ مَكينٍو ولِسنٍ مُبينٍ: مِسكينٌ ابنُ آدمَ وأيُّ مِسكينٍ. ركَنَ من الدّنيا الى غيرِ رَكينٍ. واستَعصَمَ منها بغيرِ مَكسنٍ. وذُبِحَ من حُبّها بغيرِ سِكّينٍ. يَكْلَفُ بها لغَباوَتِهِ. ويَكْلَبُ عليْها لشَقاوَتِهِ. ويعْتَدّ فيها لمُفاخرَتِهِ. ولا يتزوّدُ منها لآخرتِهِ. أُقسمُ بمَنْ مرَجَ البَحرَينِ. ونوّرَ القمَرَينِ. ورفَعَ قدْرَ الحجريْنِ. لوْ عقَلَ ابنُ آدَمَ. لما نادَمَ. ولوْ فكّرَ في ما قدّمَ. لبَكى الدّمَ. ولوْ ذكَرَ المُكافاةَ. لاستَدرَكَ ما فاتَ. ولوْ نظَرَ في المآلِ. لحسّنَ قُبْل الأعْمالِ. يا عجَباً كلَّ العجَبِ. لمَنْ يقتَحِمُ ذاتَ اللّهَبِ. في اكْتِنازِ الذّهبِ. وخزْنِ النّشَبِ. لذوي النّسَبِ. ثمّ منَ البِدْعِ العَجيبِ. أن يعِظَكَ وخْطُ المشيبِ. وتؤذِنُ شمسُكَ بالمَغيبِ. ولستَ ترى أن تُنيبَ. وتهذّبَ المَعيبَ. ثمّ اندفَعَ يُنشِدُ. إنشادَ منْ يُرشِدُ:
يا ويْحَ مَـنْ أنـذرَهُ شَـيبُــهُ *** وهوَ على غَيّ الصِّبا منكَمِـشْ
يعْشو الى نارِ الهَوى بـعْـدَمـا *** أصبَحَ من ضُعْفِ القُوى يرتَعِش
ويمتَطـي الـلـهْـوَ ويعْـتَـدُّهُ *** أوْطأ ما يفتَرِشُ المُـفـتَـرِشْ
لم يهَبِ الشّيبَ الـذي مـا رأى *** نجومَهُ ذو الـلُّـبّ إلا دُهِـشْ
ولا انتهَى عمّا نَهـاهُ الـنُـهـى *** عنهُ ولا بالى بعِـرْضٍ خُـدِشْ
فذاكَ إنْ ماتَ فسُـحْـقـاً لـهُ *** وإن يعِشْ عُدّ كأنْ لـمْ يعِـشْ
لا خيْرَ في مَحْيا امرئٍ نشْـرُهُ *** كنَشْرِ ميْتٍ بعدَ عشْرٍ نُـبِـشْ
وحبّذا مَـن عِـرضُـهُ طـيّبٌ *** يَروقُ حُسْناً مثلَ بُـرْدٍ رُقِـشْ
فقُلْ لمَن قـد شـاكَـهُ ذنـبُـهُ *** هلَكْتَ يا مِسكينُ أو تنتَـقِـشْ
فأخْلِصِ التّوبَةَ تطمِـسْ بـهـا *** منَ الخَطايا السودِ ما قد نُقِـشْ
وعاشِرِ الناسَ بخُلـقٍ رِضًـى *** ودارِ منْ طاشَ ومنْ لم يطِشْ
ورِشْ جَناحَ الحُرّ إنْ حَـصّـهُ *** زمانُهُ لا كانَ مـنْ لـم يرِشْ
وأنجِدِ الموْتورَ ظُـلـمـاً فـإنْ *** عجِزْتَ عن إنْجادِهِ فاستجِـشْ
وانعَشْ إذا نـاداكَ ذو كَـبـوَةٍ *** عساكَ في الحشْرِ بهِ تنتَعِـشْ
وهاكَ كأسَ النُصْحِ فاشرَبْ وجُدْ *** بفَضْلَةِ الكأسِ على مَنْ عطِشْ
قال: فلمّا فرَغَ من مُبكِياتِهِ. وقضَى إنشادَ أبياتِهِ. نهضَ صبيٌّ قد شدَنَ. وأعْرى البَدَنَ. وقال: يا ذَوي الحَصاةِ. والإنْصاتِ الى الوَصاةِ. قد وعَيْتُمُ الإنشادَ. وفقِهتُمُ الإرْشادَ. فمَن نَوى منكُمْ أن يقْبَلَ. ويُصلِحَ المُستَقبَلَ. فلْيُبِنْ ببِرّي عنْ نِيّتِهِ. ولا يعدِلْ عني بعَطيّتِهِ. فوالذي يعلَمُ الأسرارَ. ويغفِرُ الإصْرارَ. إنّ سرّي لكَما تَرَوْنَ. وإنّ وجهي ليَستَوْجِبُ الصّوْنَ. فأعينوني رُزِقْتُمُ العوْنَ. قال: فأخذَ الشيخُ في ما يعطِفُ عليْهِ القُلوبَ. ويُسَنّي لهُ المطْلوبَ. حتى أنْبَطَ حَفرُهُ. واعْشَوشَبَ قَفْرُهُ. فلمّا أنْ ترِعَ الكيسُ. انصَلَتَ يميسُ. ويحمَدُ تِنّيسَ. ولمْ يحْلُ للشيخِ المُقامُ. بعْدَما انْصاعَ الغُلامُ. فاستَرْفَعَ الأيْدي بالدّعاء. ثمّ نَحا نحْوَ الانكِفاء. قال الراوي: فارتَحْتُ الى أن أعجُمَهُ. وأحُلَّ مُترجَمَهُ. فتَبعتُهُ وهو يشتَدّ في سمْتِهِ. ولا يفْتُقُ رتْقَ صمتِهِ. فلمّا أمِنَ المُفاجيَ. وأمكَنَ التّناجي. لفَتَ جيدَهُ إليّ. وسلّمَ تسْليمَ البَشاشَةِ عليّ. ثمّ قال: أراقَكَ ذكاءُ ذاكَ الشُّوَيْدِنِ? فقلتُ: إي والمؤمِنِ المُهَيمِنِ! قال: إنهُ فتى السّروجيّ. ومُخرِجِ الدُّرّ منَ اللُّجّيّ! فقلْتُ: أشهَدُ إنّكَ لَشَجرَةُ ثمرَتِهِ. وشُواظُ شرَرَتِهِ. فصدّقَ كَهانَتي. واستَحْسَنَ إبانَتي. ثمّ قال: هل لكَ في ابتِدارِ البيتِ. لنَتنازَعَ كأسَ الكُمَيتِ? فقلتُ لهُ: ويْحَكَ أتأمُرونَ الناسَ بالبِرّ وتَنسَوْنَ أنفُسَكُمْ? فافتَرّ افتِرارَ مُتَضاحِكٍ. ومرّ غيرَ مُماحِكٍ. ثمّ بَدا لهُ أنْ تَراجَعَ إليّ. وقال: احفَظْها عني وعليّ:
إصْرِفْ بصِرْفِ الرّاحِ عنكَ الأسى *** وروّحِ القـلْـبَ ولا تـكـتَـئِبْ
وقلْ لمَـنْ لامـكَ فـي مـا بِـهِ *** تدفعُ عنكَ الـهـمّ قـدْكَ اتّـئِبْ
ثمّ قال: أمَا أنا فسأنطَلِقُ. الى حيثُ أصطَبِحُ وأغْتَبِقُ. وإذا كُنتَ لا تَصحَبُ. ولا تُلائِمُ مَن يطرَبُ. فلسْتَ لي برَفيقٍ. ولا طريقُكَ لي بطَريقٍ. فخَلّ سَبيلي ونكّبْ. ولا تُنقّرْ عني ولا تُنقّبْ. ثمّ ولّى مُدْبِراً ولمْ يُعَقّبْ. قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فالْتَهَبْتُ وجْداً عندَ انطِلاقِهِ. ووَدِدْتُ لوْ لمْ أُلاقِهِ.


عدل سابقا من قبل في الأربعاء يناير 16, 2008 5:15 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سيارات الشباب
مشرف
مشرف
سيارات الشباب


ذكر
عدد الرسائل : 1770
العمر : 25
الاوسمة : المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة Wesaam12
السٌّمعَة : 0
نقاط : 41
تاريخ التسجيل : 09/10/2007

المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة   المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة I_icon_minitimeالإثنين أبريل 14, 2008 11:56 am

شكرا على المشاركة
الجميلة والرائعة

تحياتي

سيارات الشباب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thaqafa.yoo7.com
ابو حسين
مشرف
مشرف
ابو حسين


عدد الرسائل : 2613
الاوسمة : المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة Mosamem
السٌّمعَة : 0
نقاط : 9
تاريخ التسجيل : 09/10/2007

المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة   المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة I_icon_minitimeالإثنين يوليو 07, 2008 2:01 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراعلى الموضيع الجديدة والرائعة

مع تحيات

ابو حسين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقامة 39-40-التبريزية -التِّنِّيسيّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المقامة السادسة والسابعة - المَراغيّة - البَرْقَعيديّة
» المقامة 51-52 الساسانية - البصرية
» المقامة 22-23-24 الشعرية -القطيعية- الكرجية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الادبي :: لغتنا العربية-
انتقل الى: